حسن عبدالله عباس يصف الحكومة بأنها حكومة «النمر الوردي» التي ومن باب خدمة المواطن تصيبه في مقتل!وتفتقد إلى الحكمة بما فيها حكمة الخبث والمكر والفرعنة

زاوية الكتاب

كتب 505 مشاهدات 0


 

 

قانون التجمعات وحكومة «النمر الوردي»!


قانون التجمعات الصادر في هذا التوقيت بالذات ومن بوابة «مراسيم الضرورة» لا يمكن أن يوصف سوى أنه لايصلح ونتاج لعقلية بسيطة في التعامل مع أحوال البلد. الحكومة وبقانونها هذا عادت مرة أخرى لتقر بأنها لا تفهم اللعب السياسي. فليس المرسوم الجديد لمنع التجمعات فاقداً للحكمة «وغير مؤدب» شعبياً، بل هو أيضاً لا ينم إلا عن بساطة سياسية متوقعة من حكومة خبرنا تصرفاتاها الساذجة طوال الفترة الماضية.
من الخطأ أن ننظر إلى هذا القانون أو مرسوم الضرورة بعنوان منع التجمعات سوى أنه واحد من حلقات ضياع الحكومة لبوصلتها وتيهانها عن استرداد هيبتها المفقودة. فما العاجل في أمر الضرورة هذا حتى يصدر في فترة حل المجلس؟ الجميع يعلم أن الدستور أتاح إلى السلطة التنفيذية إصدار قوانين في فترة غياب المجلس، وذلك لضرورة ملحة وتقتضي السرعة، فما هي السرعة الموجبة لقانون كهذا؟
قد يجيبنا وزير الداخلية بأن السرعة المطلوبة والضرورة تكمن في فرعيات القبائل. هذا صحيح والتاريخ يقول إن القبائل مارست الفرعيات، ولكن النواب أقروا سابقاً قانون محاربة الفرعيات. فما الداعي الآن للتضييق على حريات المجتمع بأكمله بجريرة بعض التصرفات اللامسؤولة والمُجرمة قانوناً، ما الحاجة إذاً والدولة مجازة باتخاذ الإجراءات القانونية ضدها؟
أما أسوأ ما في القانون الجديد أنه معارضة صريحة للدستور. فلوائح الضرورة المذكورة دستورياً تبيح إلغاء أو تعديل القوانين القائمة لأمر مُلح وفي غياب المجلس، ولكنها لا تبيح أمرين مهما كانت الظروف: أولهما عدم المساس بأحكام توارث الإمارة والميزانية العامة للدولة، وثانيهما عدم تعطيل أحكام الدستور. ولا أظن أنه يوجد من يشك بأن القانون الجديد يصطدم بالدستور وبصورة مكشوفة.
لكن أُطمئن الجميع أن الحكومة «المخبصة» في كل شيء، ليست بأحسن حالاً هنا. فالتجارب والأمثلة السابقة تقول جميعها إن الحكومة لا تمتلك هذا المقدار من المكر والخُبث الذي يجعلنا نخشى جانبها. فوزير عدل وشؤون هذه الحكومة أدار الملف الرياضي بالصورة الملخبطة التي رأيناها ولدرجة أن وصلت بالنائب السابق خلف دميثير ليهدد باستجوابه! وهي نفسها التي وزعت الكوادر المالية على موظفيها ومنعتها عن الباقي من دون سبب واضح لم فعلت أو لم توقفت! هذه الحكومة هي التي قالت إن مغنية «تحوم حوله الشبهات» وبعد ساعتين فقط تقول «يداه ملطخة بدماء الكويتيين»، هي الحكومة التي شوقتنا إلى «صوت وصورة» وزير الإعلام! هي عينها الحكومة التي وزير داخليتها صرّح بأنه «شخصياً» خرج وتجول مناطق الكويت ليراقب ما إن كانت الفرعيات قائمة! لذا أعود وأقول ليطمئن الجميع أن هذه الحكومة تفتقد إلى الحكمة بما فيها حكمة الخبث والمكر والفرعنة، لأن لها تاريخاً جيداً في البساطة السياسية، فهي تبدو لي وكأنها حكومة «النمر الوردي» التي ومن باب خدمة المواطن تصيبه في مقتل!

د. حسن عبدالله عباس

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك