الجنسية الكويتية.. فولو وأنفولو!!

زاوية الكتاب

كتب 4103 مشاهدات 0


 

قرأنا بالأمس القريب خبراً عن منح الجنسية لعدد 106 من أبناء الكويتيات و هو بالمناسبة حق دستوري لهم و ليس هبة , وسأقوم بمقالة لاحقة بعرض مسهب لتوضيح ذلك بإذن الله ,  إلا أننا قد قرأنا ايضاً عن فقد 9 مواطنين لجنسيتهم الكويتية بالتأسيس , وهو خبر تكرر كثيراً بالسنوات القليلة الماضية , سواء ً كان فقداً أو إسقاطاً أو سحباً , حيث أن لكل منها مركزاً قانونياً يطول شرحه, و نحن لا نعترض على مبدأ تطبيق القانون على المخالفين لنصوصه بل نؤيد الحكومة في مسعاها, ولكن السؤال الذي يسدح نفسه بقوة : هل توفر لهؤلاء الأفراد حق الدفاع عن أنفسهم ضد هكذا قرار إداري خطير على هذا النحو ؟ لا سيما وأن الحكومة ليست ملاكاً ولا معصومة عن الخطأ, فلقد سبق لها الوقوع بخطأ إجرائي جعلنا فاقدي التمثيل التشريعي للناخبين لمدة تجاوزت أشهراً .. فإذا كان الخطأ قد أصاب الأمة جمعاء .. فهل سينجو منه فرد من الدهماء ؟!
 
وسأضرب مثالاً لخطأ آخر تقوم به الأجهزة المعنية بتطبيق قانون الجنسية - وهو مؤشر خطير لآلية التطبيق - , فلقد نشأ قانون الجنسية في فترة حديثة نسبياً سنة 1959 , وامتاز بمعالجته لتعريف المواطنين وتصنيف الأساس القانوني لكل فئة من فئاته , فهو قد اعتنق علاقة التوطن بالإقليم كمعيار للجيل المؤسس للدولة , ثم تحول عنها لعلاقة الدم الأبوي كأساس في الأجيال اللاحقة , إلا أن  التطبيق العملي لقانون الجنسية لا يزال يعتبرنا جميعاً من الجيل المؤسس وكأنه جيل لا يموت أبداً !! حيث لا زالت المادة الأولى تعطي للمواطنين بصفة أصلية بالرغم من أنه تنطبق عليهم المادة الثانية التي تنص على أن كل من ولد لأب كويتي في الداخل أو الخارج فهو كويتي .
 
في دولة القانون والمؤسسات لا مكان للطغيان في اتخاذ القرارات لا سيما إن كانت تتعلق بحقوق أصيلة للمواطن , ولا يملك أي مسؤول مهما علا شأنه أو منصبه أن يتحكم في مصير المواطنين بلا رقابة أو حساب .. فهو يأخذ راتباً من الدولة ليكون خادماً للشعب وليس العكس . وهناك واجب على نواب الأمة لتعديل الفقرة الأولى من المادة الخامسة بقانون إنشاء الدائرة الإدارية حتى تسمح بعرض منازعات الجنسية زوالا أو اكتساباً أمام القضاء الكويتي العادل .. الذي لا يشكك فيه إلا كل ظالم متخوف .. لا سيما وأن هذا الأمر مثلما هو حماية للمواطن فهو سينهي قضية عديمي الجنسية في الكويت , حيث فشلت الحكومة طوال 53 سنة في حل مشكلتهم .
 
وإنني كدارس للقانون أقول بكل ثقة أن تطبيق قانون الجنسية ليس من المسائل السيادية , فالقرارات الصادرة بشأنه هي عن سلطة إدارة وليس عن سلطة حكم , وبالتالي يتعين توفير الحماية القضائية لكل ذي شأن يتعلق مصير حياته وحياة أسرته بهذه القرارات .
 
(( لا جدال في أن الجنسية وهي العلاقة القانونية بين الفرد والدولة تدخل في صميم المسائل المتعلقة بسيادة الدولة التي لها مطلق السلطان في تعيين من يكون متمتعاً بجنسيتها و من لا يكون , وفي فرض ما تشاء من التكاليف و القيود على مواطنيها . وبديهي أن الدولة حينما تسن تشريعاً ينظم الجنسية ويعرف كنهها ويحدد شرائطها ويرسم الإجراءات اللازمة لإثباتها أو الحصول عليها لا تنزل عن سيادتها , لأنه منبعث منها وصادر عنها ويتعين احترامه وتنفيذه ومن واجب المحاكم تطبيقه وليس في ذلك أي مساس بسيادة الدولة . وما تصدره الحكومة من قرارات تنفيذا ً لهذا التشريع يندرج في أعمال الحكومة العادية ولا يعتبر من الأعمال المتعلقة بالسياسة العليا للدولة . والقرار المطعون فيه بالامتناع عن إعطاء شهادة بالجنسية المصرية لا يعدو أن يكون من القرارات الإدارية المتعلقة بتنفيذ قانون الجنسية و لهذا فهو بعيد عن أعمال السيادة. ))  الطعن رقم 516 – لسنة 2 قضائي مصري – تاريخ الجلسة 26/12/1950 – مكتب فني 5 – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 1 .
 
 
نبراسيات : المواطَنة حق دستوري .. و لا يوجد حق بلا دعوى تحميه

 
عبدالله فيروز
 
كاتب كويتي و ناشط حقوقي

بقلم: عبدالله فيروز

تعليقات

اكتب تعليقك