لا داعي للقلق .. البريطانيون سيصوتون للبقاء في الاتحاد الأوروبي بقلم راتشمان
الاقتصاد الآنيناير 7, 2013, 8:48 ص 637 مشاهدات 0
في زيارة تمت أخيرا إلى واشنطن، استهل دبلوماسي بريطاني كبير الحديث مع نظرائه الأمريكيين بتأكيده لهم أن بريطانيا لن تخرج من الاتحاد الأوروبي أيا كانت الظروف. لكن تصريحاته كان لها تأثير عكسي على الحضور. وبحسب أحد الحاضرين 'حتى ذلك الحين' لم يخطر ببالنا قط أن بريطانيا ستخرج. 'الآن نحن قلقون حقا'. في الحقيقة، يجب على الجميع أن يهدأوا. إن تهديد بريطانيا بالانسحاب فعليا من الاتحاد الأوروبي يبقى ضئيلا. فالأجواء الحالية متأزمة بما فيه الكفاية. لكن بمجرد أن تبدأ التفكير في سلسة من الأحداث المحتملة، فإن استمرار عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي يبقى بكل سهولة الناتج الأكثر احتمالا. حالة عدم اليقين الحالية تنبع من مزيج من التطورات المترابطة على جانبي القناة. فقد أجبرت أزمات منطقة اليورو أعضاء الاتحاد الأوروبي على التفكير في اندماج أكثر عمقا - متضمنا خطوات مثل الاتحاد المصرفي. وإصرار بريطانيا على خيار واحد من الأشكال الجديدة للاندماج، مع مطالبتها بضمانات لمصالح المملكة المتحدة، يثير شركاءها في الاتحاد الأوروبي. وفي كل مرة تختار فيها بريطانيا من شيء ما، تؤكد أيضا على علاقة البلاد شبه المنفصلة مع الاتحاد الأوروبي - ما يثير التساؤل حول ما إذا كان مثل هذا الترتيب يمكن أن يكون دائما أو محتملا. وتزيد التطورات السياسية الداخلية في بريطانيا أيضا من الضغوط. فالعديد من أعضاء حزب المحافظين في البرلمان شكلوا نظرتهم العالمية في حقبة التسعينيات، عندما كان الحزب يتمزق بسبب الاتحاد النقدي الأوروبي. والآن نضجوا سياسيا (إذا صح التعبير)، في وقت تبدو فيه أزمات اليورو مبررا قويا لمخاوفهم وقناعاتهم. لقد ألحق فصيل فوبيا اليورو داخل الحزب، الهزيمة بالحكومة من خلال التمرد على المسائل الأوروبية – وهو يضغط باستمرار على ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء، لاتخاذ إجراءات أكثر تشددا. وحتى أعضاء البرلمان من حزب المحافظين الذين لا يتحركون كثيرا بسبب القضايا الأوروبية، يشعرون بالقلق الشديد جراء صعود حزب الاستقلال، بقيادة نايجل فارج، في المملكة المتحدة الذي يؤيد انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ويهدد قبضة حزب المحافظين على كثير من مقاعد البرلمان. وحتى انضمام الديمقراطيين الليبراليين إلى الحكومة الائتلافية، كان حزب الاستقلال المكان الطبيعي للناخبين المعترضين. لكن لأن الديمقراطيين الليبراليين أصبحوا جزءا من المؤسسة الآن، فإن دعمهم آخذ في الانهيار. وأصبح حزب الاستقلال 'لا شيء من الخيارات أعلاه'- وصعوده يضع مزيدا من الضغط على الحكومة البريطانية لاتخاذ مواقف متشددة وخطيرة في بروكسيل. وبوضع كل هذه العوامل معا يمكن للقوى التي تدفع بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف، أن تبدو هائلة. ولا يمكن أن ننكر احتمال أن تطور الأزمات، الأمر الذي يمكن أن يدفع بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي. لكن الروابط التي تبقي بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي لا تزال تبدو قوية. وأهم نقطة هي أنه لا الحكومة البريطانية ولا الحكومات الأوروبية القيادية (مع احتمال استثناء فرنسا) تريد فعلا لبريطانيا الخروج من الاتحاد. ولو حدث ذلك فسيحدث من قبيل الصدفة أكثر منه عن قصد. لقد ظل كاميرون يعد على مدى أشهر بإلقاء خطاب هائل حول أوروبا. لكن استراتيجيته لإبقاء المملكة المتحدة داخل الاتحاد الأوروبي واضحة إلى حد ما. ومن المحتمل أن يطلب إعادة التفاوض على شروط عضوية المملكة المتحدة، بحيث تتضمن إعادة توطين بعض الصلاحيات التي ذهبت إلى بروكسيل. وسيعد بعرض النتائج على استفتاء يكون فيه المصوتون مدعوون إما لقبول الصفقة الجديدة، وإما للخروج من الاتحاد الأوروبي. إن الأعضاء الآخرين في الاتحاد الأوروبي لن يجعلوا من عملية إعادة المفاوضات البريطانية أمرا سهلا. لكنهم على الأرجح سيلقون بالقليل من التنازلات الرمزية باتجاه كاميرون، بدلا من إجبار بريطانيا على الخروج من الاتحاد. إذن، كل شيء سيعتمد على الاستفتاء البريطاني على الاتفاق الجديد. وفي الوقت الحالي احتمالات التصويت بـ 'نعم' تبدو غير واعدة - وفقا لاستطلاعات الرأي، كثير من المصوتين البريطانيين يريدون الخروج من الاتحاد. لكن التصويت الفعلي بعد حملة الاستفتاء من المرجح أن يكون مختلفا جدا. حينها سيشن زعماء الأحزاب القيادية الثلاثة- المحافظون، والعمال، والديمقراطيون الليبراليون- حملات لدعم التصويت بـ 'نعم'. وسيكون ضدهم حزب الاستقلال الذي وصفه كاميرون بشكل قاس، لكن ليس بشكل غير دقيق تماما، عام 2006 بأنه مصنوع من 'كعك الفاكهة ومجانين وعنصريين جبناء'. والحملة للتصويت بـ 'لا' سيقوم بتعزيزها بعض أعضاء حزب المحافظين الأكثر غضبا والأقل جاذبية. وبمواجهتهم لهذا الحشد، من شبه المؤكد أن يختار البريطانيون الوضع الراهن والبقاء في الاتحاد الأوروبي. والعملية برمتها تشبه كثيرا الاستفتاء البريطاني الأخير حول الاتحاد الأوروبي عام 1957. في ذلك الحين كانت الحكومة العمالية بقيادة هارولد ويسلون مصرة أيضا على 'إعادة التفاوض' بشأن شروط عضوية بريطانيا ووضع النتائج للاستفتاء. وجميع الشخصيات الموثوق بها في السياسات البريطانية في ذلك الزمان (بمن فيهم مارجريت تاتشر) شنت حملات لصالح التصويت بـ 'نعم'. وفي نهاية المطاف صوّت أكثر من ثلثي الشعب لاستمرار عضوية بريطانيا. وعلى مدار الـ 40 عاما الماضية أصبح الرأي العام البريطاني أقل مبالاة، وتحول الاتحاد الأوروبي في الحجم والغرض. لقد تغير الكثير منذ الاستفتاء البريطاني الأخير حول أوروبا عام 1975، لكن النتيجة النهائية من المحتمل أن تكون نفسها.
تعليقات