عن خطورة التشكيك في القضاء!.. يكتب المقاطع محذراً

زاوية الكتاب

كتب 747 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  خطورة التشكيك في القضاء

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

كان لافتا يوم أمس تصريح المستشار فيصل المرشد، رئيس مجلس القضاء، بشأن ما يتعرض له القضاء من انتقادات وفق ما تكون عليه الأحكام، فإن كانت لمصلحتهم مدحوا وان كانت في غير مصلحتهم قدحوا. وهو تصريح مهم من رجل يقف على رأس السلطة القضائية، ولعله يحمل مضامين أخرى لم يتمكن المستشار المرشد، بحكم موقعه وحساسية منصبه، ان يصرح بها، ومن ذلك الانتقاد السياسي للأحكام، أو ان صح التعبير الاستباقي لصدور الأحكام تحسبا لما قد تأتي به من حسم لقضايا تخالفهم فيما يتبنونه من آراء.

وبهذه المناسبة، فإن من المهم بمكان ان نشير الى ان نقد أحكام القضاء أمر مطلوب، ولكن يجب ان يكون ذلك في نطاق علمي وبصورة موضوعية وبهدف تصحيح ما تكشفه بعض الأحكام من أخطاء لا بد من تصحيحها لتعزيز مكانة هذه السلطة، إما ان يتحول النقد الى تجريح وتشكيك بالقضاء من دون ان تكون هناك حجة او دليل على ما يقوله المنتقد وان يجعل ذلك حديثا عاما يختلط فيه الأمر على الناس بمن يعلم وبمن لا يعلم، فهذا مسلك خطر ويؤدي الى تشكيك في غير محله ومرفوض.

ويبقى ان هناك طروحات سياسية مقصودة في التعرض للقضاء، فمهما اختلفنا لا بد من ان نقبل بمسألة لا تقبل الجدل ألا وهي أن القضاء مرجعية أساسية في الدولة، فإذا اردنا ان نتجاوز مثل هذه المرجعية بأن يكون لكل منا رأيه ومرجعيته وتصوراته واحكامه في شأن الأمور العامة، فذلك سيكون مدخلا الى الفوضى وانتهاء دولة المؤسسات، التي يقف في مقدمتها القضاء، الذي هو كما يقال في الدارج، اساس الملك.

ولا شك في أن هناك مسلكاً معيناً وسوابق محددة هي التي أوجدت حالة من عدم التحرج من التشكيك بالقضاء رغم خطأ هذا النهج وانتقادنا له، وقد تمثل ذلك المسلك بإقحام الحكومة للقضاء في مسائل ذات طابع سياسي لكنها تغلف بإطار قانوني، كما ان الزج بالقضاء في شكاوى وملاحقات أمنية او ربما ذات طابع كيدي، متزايد من قبل الحكومة أيضا، اوجد تخوفا من ان نتحول الى دولة قضاء بمفهوم الاستخدام السياسي للقضاء. وفي الجانب الآخر، فإن هناك الموقف المسبق والمعلن من بعض السياسيين الهادف الى عدم القبول بمرجعية القضاء واهدار مكانته، فضلا عن استخدام وسائل الضغط السياسي والجماهيري والتجمع المرفوض لممارسة ضغوطات مختلفة على القضاء قد جرأ بعض المتحمسين او ربما المتعمدين في الاساءة الى القضاء بصورة ممجوجة، وهو سلوك ايضا مرفوض.

وأخيرا لا بد ان نضع في اعتبارنا عدم التساهل في الخوض بنقد القضاء من دون طرح الموضوع وبهدف إصلاحي لا بهدف الطروحات السياسية مثل استخدام عبارة «مسيرة تطهير القضاء» التي اشار اليها المستشار المرشد.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك