طلال عرب يكتب من التراث
زاوية الكتابكتب يونيو 28, 2007, 7:58 ص 517 مشاهدات 0
الى صاحب العظمة ـ خليفة المسلمين ـ
هشام الثالث جليل المقام من جورج الثاني ملك انكلترا والسويد والنرويج الى الخليفة
ملك المسلمين في مملكة الاندلس صاحب العظمة هشام الثالث الجليل المقام.. بعد
التعظيم والتوقير، فقد سمعنا عن الرقي العظيم الذي تتمتع بفيضه الضافي معاهد العلم
والصناعات في بلادكم العامرة، فأردنا لابنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل لتكون
بداية حسنة في اقتفاء اثركم لنشر انوار العلم في بلادنا التي يحيط بها الجهل من
اركانها الاربعة. وقد وضعنا ابنة شقيقنا الاميرة (دوبانت) على رأس بعثة من بنات
اشراف الانكليز، لتتشرف بلثم اهداب العرش والتماس العطف، وتكون مع زميلاتها موضع
عناية عظمتكم وفي حماية الحاشية الكريمة، والحدب من اللواتي سوف يقمن على تعليمهن،
وقد ارفقت الاميرة الصغيرة بهدية متواضعة لمقامكم الجليل، ارجو التكرم بقبولها، مع
التعظيم والحب الخالص... من خادمكم المطيع جورج م.أ. وكان الرد كالتالي: جواب
الخليفة الاندلسي هشام الثالث... الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه
سيد المرسلين، وبعد: الى ملك انكلترا وايكوسيا واسكندنافيا الاجل اطلعت على
التماسكم، فوافقت على طلبكم بعد استشارة من يعنيهم الامر من ارباب الشأن، وعليه
نعلمكم انه سوف ينفق على هذه البعثة من بيت مال المسلمين، دلالة على مودتنا لشخصكم
الملكي. اما هديتكم فقد تلقيتها بسرور زائد، وبالمقابل ابعث اليكم بغالي الطنافس
الاندلسية، وهي من صنع ابنائنا، هدية لحضرتكم، وفيها المغزى الكافي للتدليل على
التفاتتنا ومحبتنا.. والسلام. خليفة رسول الله في ديار الاندلس، هشام الثالث * * *
رسالتان منقولتان حرفيا تعكسان المستويين العلمي والصناعي اللذين وصل اليهما العرب
في تلك الازمان الغابرة، وتدلان دلالة قاطعة على امتلاك العرب، وقتها، زمام العلم
والثقافة والصناعة. رد الخليفة العربي قليل، فخير الكلام ما قل ودل، وفيه الكثير من
العبر. واضح فيه حسن الخلق والكياسة الدبلوماسية. العرب قديما لم ينسوا دينهم عندما
امتلكوا القوة، ولم تأخذهم العزة بالنفس ليتخلوا عن مستشاريهم وارباب الشأن من
رعيتهم، وامتلكوا العلم الذي هو طريقهم لأسباب القوة، من اجل خدمة دينهم وشعوبهم،
فاكتسبوا احترام عدوهم قبل صديقهم. فأين نحن اليوم من تلك العصور المشرقة، وهل هناك
من امل في صلاح امتنا التي اصبحت في مؤخرة الامم، علما وديموقراطية؟! * طلال
عبدالكريم العرب
القبس
تعليقات