القطاع الحكومي أصبح مرتعاً للبطالة المقنعة.. هذا ما يراه شملان العيسى

زاوية الكتاب

كتب 819 مشاهدات 0


الوطن

ملتقطات  /  التخبط والارتجال إلى متى؟

د. شملان يوسف العيسى

 

لقد توصلنا الى قناعة شبه تامة بأن من يؤجل ويؤخر ويتردد في جعل الكويت مركزاً مالياً وتجارياً مفتوحاً هو الاجراءات الحكومية غير المدروسة التي لا تستند الى رؤية علمية واقعية مدروسة بل تعتمد اعتماداً كلياً على اهواء ومزاج الوزراء ومستشاريهم ودواوينهم، وحتى لا نتهم بالتعدي على الحكومة علينا ان نراجع معا قرار وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي التي تنوي ابعاد مليون وافد في السنوات العشر المقبلة بمعدل 100 الف وافد سنويا لكن لم توضح لنا الوزيرة لماذا اتخاذ هذا الاجراء؟ وهل تستطيع فعلا تنفيذه؟ ومن هي العمالة التي سوف يطبق عليها قرار الابعاد.. ولماذا؟ الوزيرة ما شاء الله عليها تريد تعديل التركيبة السكانية بحيث يصبح المواطنون يشكلون الاغلبية السكانية أو على الاقل نصف السكان وهذا امر مستحيل اصلا لأن المواطنين اليوم نسبتهم فقط %31 من مجموع السكان والفضيحة الاكبر هو انهم – أي المواطنين – يشكلون %15 من مجموع العمالة فقط، المواطنون مكدسون في القطاع الحكومي غير المنتج.. بينما اغلبية العمالة المنتجة تعمل في القطاع الخاص وبعضها في القطاع العام..
لقد فشلت كل محاولات الحكومات السابقة في الكويت والخليج ككل في تعديل التركيبة السكانية لسبب بسيط وواضح وهو ان الاقتصاد الريعي من النفط يتوسع بشكل كبير جدا دون ان يواكبه زيادة في عدد المواطنين المؤهلين لسوق العمل.
اذن المشكلة لا تتعلق بالاجانب التي تريد الوزيرة ابعادهم بل تتعلق بالمواطنين غير المؤهلين لسوق العمل.. لماذا ذلك؟ الجواب مرة اخرى بسيط وهو ان مخرجات التعليم الجامعي والتطبيقي لا تؤهل الخريجين لسوق العمل.. بسبب تردي مستوى التعليم والتأهيل لذلك لا احد يرضى بتوظيف المواطنين الا القطاع الحكومي.. الذي اصبح مرتعاً للبطالة المقنعة بسبب بركة الحكومة ونواب مجلس الامة.
نعود الى سياسة التخبط والارتجال الحكومي ومنها عدم دخول الاجانب للزيارة أو العمل الا بعد ابراز شهادتهم الجامعية وتطالب الوزيرة تطبيق التخصص العلمي في الشهادات الجامعية للعمل الذي يقوم به الوافد.. وربطت الوزيرة التجديد لرخصة القيادة أو اذن العمل بالشهادة أي ما لم يكن المؤهل الدراسي مطابقا للوظيفة التي يشغلها اليوم.. هذا الطلب الغريب العجيب والتعجيزي.. ما الهدف منه؟ وهل سيطبق على الجميع؟ ما علاقة الشهادة الجامعية برخصة القيادة ومن هو الفطحل الذي ربط شهادة القيادة بالشهادة الجامعية وطبيعة العمل؟
الذي اعرفه شخصيا بأن جامعة الكويت لديها جيش من الموظفين الذين يعملون في قطاع الخدمات ومنها الامن والسلامة هؤلاء الشباب العربي معظمهم من مصر الشقيقة ولديهم مؤهلات علمية عالية ليسانس حقوق وتجارة وآداب وغيرها ومعظمهم يعملون في وظائف لا تليق بهم ولا بتحصيلهم العلمي، هل سيطبق القانون أو الاجراءات الحكومية عليهم ولا يطبق على اشباه الاميين والاميين من المواطنين الذين يعملون كحرس أو سواق أو موظفين كتبة.. يا ناس اتقوا الله في اجراءاتكم واذا كنا سنبحث في التخصصات العلمية وطبيعة العمل سنجد مفارقة غريبة عجيبة فمعظم خدم المنازل في الكويت خصوصا القادمات من الفلبين والهند يحملون شهادات جامعية في تخصصات علمية نادرة مثل الرياضيات والعلوم وممرضات وغيرها بينما «معزباتهن» من الكويتيات اللواتي يعملن في الحكومة لا يحمل الكثير منهن الشهادة الثانوية.. لماذا لا يتم انصاف العمالة الاجنبية المنتجة والمؤهلة بدلا من ملاحقتهم؟.
هنالك شركات كبرى يملكها مواطنون لكن الذين يعملون ويديرون ويسوقون وينتجون هم اخوتنا العرب أو اخوتنا في الانسانية في ارجاء المعمورة، لماذا نعاقب الانسان المعطاء ونكافئ الكسلان من المواطنين؟
السؤال، لماذا التشدد والطرد واغلاق البلد في وجه العمالة المنتجة وتشديد العقوبات عليهم؟ الجواب بسيط فالحكومة عاجزة عن معالجة القضايا الاقتصادية بشكل عام حتى تضمن تحقيق التنمية التي مضى علينا فترة طويلة نتحدث عنها، وزارة الشؤون عجزت عن محاربة تجار الاقامات وهم من كبار القوم لذلك صبت غضبها على المواطنين ورجال الاعمال، حتى يتم تقليص العمالة ويضطر التاجر والمواطن الى توظيف من جلبهم من تجار الاقامات وهي عمالة غير متخصصة، عندما يطلب القطاع الخاص عمالة فنية متخصصة يتم رفض طلبهم وتخبرهم الوزارة خذوا عمالة من السوق المحلية، وعندما يلجأ المواطنون والتجار الى العمالة غير المؤهلة يتم طردهم بعد فترة تحت ذريعة انهم غير متخصصين، وزيرة الشؤون التي بدأت عملها بالوزارة بالتصريح بأنها سوف تحارب تجار الاقامات نجدها اليوم تلاحق العمالة الفنية المتخصصة تحت شعار الشهادات الجامعية، كل هذه الاجراءات الجديدة ما هي الا اسلوب جديد لتسويق الفساد وانتشاره ودفع متعمد للتجار لدفع المقسوم أو «دهان سير» جيش الموظفين في الحكومة وصدق اهل الكويت سابقا عندما كانوا يرددون «شيخ يحلب.. وشيخ يعاقب»، يبدو ان التاريخ يعيد نفسه.

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك