حضارة مدن الأسمنت!.. بقلم صالح الشايجي
زاوية الكتابكتب مايو 12, 2014, 12:47 ص 777 مشاهدات 0
الأنباء
بلا قناع / مدن الأسمنت
صالح الشايجي
يستهين البعض من العرب، إلى درجة الاستهزاء، بما يسمونه «حضارة الأسمنت» و«المدن الأسمنتية»، وهم في ذلك يغمزون من قناة المدن العصرية والحديثة في الخليج وقوامها مبان شاهقة العلو عصرية حديثة جميلة تحقق لساكنها سبل الراحة ولناظرها البهجة والجمال.
أي إنه ليس من عيب يعيبها ولا من شائبة تشوبها.
إذن، لماذا الاستهزاء والتهوين والتصغير؟
في السابق كانوا يستهزئون بهذه المدن الخليجية ويصفونها بالصحراء القفراء وبالجمل والخيمة كرمز لصحراويتها، ولما تبدلت الأحوال وتحدثت هذه المدن وتعصرنت، لم يقرّوا بما أنجزت ولم ينظروا لحداثتها وجمالها والتحاقها بالعصر، بل عزّ عليهم ذلك التحضر وتلك العصرنة، وراحوا يطعنونها مطعنا آخر معاكسا فقالوا هي مدن أسمنتية وحضارة أسمنتية!
ما لم يدركه هؤلاء المتشفون المغمضون أعينهم عن الحقيقة، وكأنها سفاسف رمل يخشون دخولها عيونهم، والرافضون الاعتراف بالواقع والشهادة له، أن من معالم الحضارة الأساس المباني والحجر.
ما بقي من الحضارة الفرعونية وما تحج إليه ملايين الناس من كل فج عميق سنويا، هو مبان ومعمار.
الأهرام وأبو الهول والمعابد الفرعونية والتماثيل وما إلى ذلك هي مبان من حجر أنشأها الإنسان المصري القديم وفق هندسة ذلك العصر وفنون البناء فيه.
وسور الصين العظيم، وهو أكبر شواهد الحضارة الصينية، هو بناء ضخم عظيم ولم يهبط من السماء ولم تُنبته الأرض.
وأينما تلفتت العين تلقفتها المباني وما أنشأ الإنسان وبنى وعمّر، في اليونان يزور السياح ما أقامه أبناء الحضارة اليونانية القديمة وما بقي شاهدا على عظمتهم وقدراتهم، وكذلك عند الفرس والأتراك والهنود وبقية بلاد الدنيا، فلماذا نقبل ذلك ونضن على الإنسان العربي أن ينشئ في بلاده معالم تعكس تحضره وعصريته وتواؤمه مع العصر؟!
وما هو المطلوب؟ هل المطلوب أن يبقى الإنسان في هذه المدن نزيل الخيام في صحراء مهمه صفراء لا يغرّد فيها طير ولا تنبت فيها عشبة، يمشي يرجز ويجر وراءه جِماله الضامرة؟!
هل هذا ما يرضي المستهزئين المتشفين الناكرين الواقع والمتنكرين له؟!
المعمار أحد شواهد حضارة كل عصر ويعكس قدرة إنسان العصر، والمباني مجرد شاهد على قدرته، وهي بالتأكيد ليست حضارته كلها.
تعليقات