عن خطورة امتداد تكتيك 'الأنفاق المفخخة' خارج سورية!.. يكتب خليل حيدر

زاوية الكتاب

كتب 737 مشاهدات 0


الوطن

طرف الخيط  /  هل ستمتد 'الأنفاق المفخخة'.. تحتنا؟!

خليل علي حيدر

 

هل تؤيد عمليات التفجير ضد قوات النظام في سورية، باستعمال الـ«نفق المفخخ»؟ الا تعد هذه كذلك وسيلة مقاومة او انتقام وحشية، تشمل المذنب والبريء؟ قال الجيش السوري الحر، فيما نشر «موقع ايلاف» على الانترنت، انه «فجّر ثلاثة ابنية في محيط موقع بحي الميدان بمدينة حلب، ما اسفر عن مقتل 30 عنصرا من القوات النظامية».
وذكر الموقع ان العشرات من القوات النظامية السورية قتلوا بتفجير هائل استهدف مقرا امنيا في مدينة حلب. وقال «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية»، ان الجيش الحر فجر 3 ابنية في محيط «فرع المداهمة»، وبث الناشطون على الانترنت شريط فيديو العملية.
وجاء في تحليل الخبر ان الحرب بين قوات المعارضة السورية والنظام «قد اتخذت منحنى تكتيكياً جديدا باستخدام المعارضة اسلوب تفجير الانفاق في مواقع النظام، وهو ما اسفر عن مقتل عشرات الجنود». وكثف مقاتلو المعارضة في الاسابيع الاخيرة من استخدام تكتيك تفخيخ الانفاق حيث «يقوم المقاتلون بحفر انفاق بدءًا من مناطق يسيطرون عليها، وصولا الى مواقع تابعة للنظام، ويقومون عادة بتفخيخها وتفجيرها عن بعد، او يتسللون منها لشن هجمات خاطفة ضد جنود الاسد» (ايلاف، 2014/6/3) يعقب التفجير عادة دمار هائل، حيث تتطاير مكونات ثلاثة مبان واكثر بما فيها، اثر اشتعال متفجرات النفق تحت المباني، ويتطاير الطابوق والاثاث والغبار واشلاء البشر في الهواء، على ارتفاع عشرات الامتار، وكأن قنبلة ذرية صغيرة قد فجرت تحتها، وسط صيحات «الله اكبر» المنطلقة من حناجر المجاهدين وغيرهم. هل هذه وسيلة مقاومة جديدة ضد جيش النظام السوري، ام اننا نشهد ميلاد اسلوب جديد مرعب من اساليب الارهاب؟
وهل سيتوقف استخدام هذه الانفاق المفخخة في حلب ودمشق وسورية، ام ان مثل هذا «التكتيك التفخيخي» سيجد طريقة، مثل «العمليات الاستشهادية»، الى الكثير من المدن والعواصم العربية والاسلامية، وربما افريقيا واوروبا وامريكا؟ الا يمكن ان يؤدي الى النظر بعين الريبة الى كل عربي او مسلم يشتري منزلا في مكان ما، او على مقربة من اي موقع حساس، في مدن العالم؟
هل من الحكمة في شيء تشجيع المقاومة السورية والجيش الحر على المضي في استخدام وسيلة التفجير الجهنمية هذه، التي سرعان ما قد تجرب في القاهرة وليبيا وربما العراق واليمن، ثم دول الخليج؟
نحن نعاني اشد المعاناة في العالمين العربي والاسلامي، وفي العالم كله، مما اسميناها قبل عشرين او ثلاثين عاما بـ«العمليات الاستشهادية». وربما نعيش اليوم ميلاد عمليات اشد خطورة واكثر دمارا.
صدر في عام 1996 كتاب بعنوان «العمليات الاستشهادية في الميزان الفقهي»، يجمع آراء الفقهاء في الظاهرة. وقد طبعت نسخة منقحة مزيدة من الكتاب في دمشق عام 2003، في طبعة رابعة، بمقدمة لـ«فضيلة العلامة المحدث الشيخ عبدالقادر الارناؤوط» وكل من د.محمد الزحيلي والشيخ احمد معاذ الخطيب. وكان احد هذين وكيل كلية الشريعة بجامعة دمشق والثاني خطيب وامام مسجد بني امية الكبير سابقا.
قام الدكتور نواف هايل التكروري باعداد الكتاب، وظهرت على الغلاف صفحتان من القرآن الكريم، وفي اعلى صفحة الغلاف الآية «قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين».
كان التبرير القوي لتقبل العمليات التفجيرية التي سميت بالاستشهادية لتزكيتها وتبريرها اسلاميا، اعتبارها من وسائل مقاومة العدو الصهيوني. وقال د.الزحيلي في المقدمة: «كما ان الحرب والقتال تتطور اساليبهما وفنونهما ما في الازمات والاماكن، وان الاعداء يتفنون، فإن وجوه المقاومة يجب ان تتطور، لتحقق الغاية والهدف، لتحرير البلاد المغتصبة، والاراضي المقدسة». وقال الداعية فتحي يكن، وكان ضمن من افتى بتشجيعها والاسراع فيها، «ان عملية استشهادية واحدة تهز الكيان الصهيوني كما لا تهزه القنابل النووية». كما هاجم الداعية اللبناني من يسمي هذه العمليات بالانتحارية. واشاد بها د.يوسف القرضاوي باعتبارها «من اعظم انواع الجهاد في سبيل الله، وهي من الارهاب المشروع الذي اشار اليه القرآن، وتسمية هذه العمليات انتحارية تسمية خاطئة ومضللة، فهي عمليات فدائية بطولية استشهادية». وقال شيخ الازهر د.محمد سيد طنطاوي ردا على طلب رجال الدين اليهود تدخله لمنع العمليات الاستشهادية «التي ينفذها المجاهدون في فلسطين»، ان الفلسطينيين ينفذون هذه العمليات بدافع «الاضطرار». واكد شيخ الازهر ان الشرائع السماوية لا تقر قتل الاطفال والشيوخ الآمنين، ولكنه اعتبر منفذي العمليات الانتحارية «في حال دفاع شرعي عن النفس ضد من يعتدي عليهم ولا يرحم شيخا ولا طفلا ولا امرأة». وعلى القائلين بان هذا العمل حرام «ان يسألوا اولا عن الدافع اليه».
ونشر الكتاب فتوى د.عجيل النشمي التي سبق نشرها في «القبس»، وقال بعد مقدمة فقهية مسهبة، «وعلى ذلك فالشاب الذي يقتل نفسه بهذا الاسلوب مخلصا نيته لله، مبتغيا اعلاء كلمة الله، ورجّحت جماعته اعزاز الدين واعلاء كلمة الله بفعله هذا.. فإنه اقدم على خير العمل، وشرى نفسه ابتغاء مرضاة الله». وقال ان «الشاب الذي يقتل نفسه بحزام ناسف او سيارة او اية وسيلة لا يعتبر منتحرا الا اذا قصد ان يقتل نفسه من دون غاية». اما اذا كان قصد الشاب النكاية بالعدو واعلاء كلمة الله فلا يعد منتحرا بل يعد شهيدا ان شاء الله».
وقال د.عبدالرزاق الشايجي، الاستاذ بكلية الشريعة ان هذه العمليات ليست نوعا من الانتحار، وهي من العمليات الاستشهادية الجهادية، «حيث ذهب كثير من السلف الى القول بجواز مثل تلك العمليات الاستشهادية وانما اشترطوا فقط ان تكون بنية خالصة وان يكون في عملية تلك ايصال نفع للمسلمين، او الحاق نكاية بالعدو».
في الكتاب عشرات الفتاوى حول العمليات الانتحارية، الاستشهادية، الجهادية، والتي توالت منذ ذلك التاريخ، والتي بالطبع لم تهز كيان اسرائيل كما توقع البعض، ولم تتوقف الاهداف عند اعتاب القضية الفلسطينية، ولم يعد ضحاياها الجماعات المدنية الاسرائيلية التي انكر الكتاب وجودها!
من الفتاوى النادرة في الكتاب ضد هذه العمليات فتوى الشيخ «عبدالعزيز آل الشيخ» الذي قال عنها «ان هذه الطريقة لا اعلم لها وجها شرعيا، ولا انها من الجهاد في سبيل الله، واخشى ان تكون من قتل النفس، نعم اثخان العدو وقتاله مطلوب بل ربما يكون متعينا لكن بالطرق التي لا تخالف الشرع».
والآن، هل يمكن مناقشة «تفخيخ الانفاق»، في ضوء تجارب ونتائج «العمليات الاستشهادية»؟

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك