يوميات حمار

زاوية الكتاب

كتب 1390 مشاهدات 0


أحمد رجب أيقظني فجأة بعد أن غبت عن الساحة طويلا هاتف مزعج ينتمي إلى الجيل الثالث قصدني صاحبه المسؤول الكبير في استشارة عاجلة، وقبل أن أحكي لكم ماحدث أروي لكم قصتي.. منذ سنوات بعيدة، ومع بزوغ عصر الفضاء، والقنوات الفضائية، وندرة احتياج الناس إلينا، وبحكم طبعي وخلقتي لا أستطيع الحياة من دون عمل، قلت أتوكل على الله وأشتغل مستشارا سياسيا، وهي المهنة الوحيدة التي قد أفلح فيها... تضحكون؟ ربما لكن الحقيقة أنها أكثر المهن ملاءمة لنا معشر الحمير، تسألون كيف؟ أقول لكم... مهنة المستشار السياسي أكثر ملاءمة لي لأني أنتمي الى الكائنات الأعلى صوتا..أولا، وثانيا هي الأنسب لكوني حمارا.. رأيت المستشارين السياسيين يعملون لدى علية القوم، ويسلطون عليهم الأضواء..،. تفتكروا إيه اللي ناقص علشان أبقى مستشار سياسي؟ ومنذ أعلنت في إحدى القنوات الفضائية الشهيرة عن استعدادي للعمل كمستشار سياسي، تلقيت آلاف الطلبات من كل أنحاء العالم... البعض لا يصدقني لكنها الحقيقة لو أي ذكي منكم شاهد أحوال الدنيا قبل ان أعمل في هذه المهنة، وبعدها سيتأكد تماما من صدقي... في الحقيقة وقعت بعض الأخطاء نتيجة استشاراتي، شايفين اللي بيحصل لطوني بلير، كان مجرد خطأ بسيط في إحدى الاستشارات، الوحيد اللي استشارني وماسمعش كلامي بين أيدي رب كريم دلوقت، قلتله سيب الحكم، هيعدموك، ما صدقش، رغم انه سألني سؤال مباشر وكان مستعجل جدا علشان يدخل الحمام، وجاوبته، قلت له هيضربوك، بلاش تنشف راسك، استغفر ربنا على كل اللي عملته، وسيب يا أخي الكرسي.. مش هاينفعك، ولا ينفع شعبك، وآدي حال الدنيا، خربت مالطة... رغم كوني حمار لكن نصيحتي يشهد بصدقها القاصي والداني. ورغم إن موهبة الكلام والكتابة تمتلكونها أنتم معشر البني آدمين، لكن في الحقيقة طلب مني بعض المسؤولين في بعض الدول إعداد بيانات سياسية وفي الحقيقة كانت رائعة لما كتبتها بحوافري الاثنين، وأسهل حاجة فيها كانت الشجب، والإدانة، والتحذير...! على فكرة استشاراتي لا تقتصر على الناس المهمة، ممكن انتم كمان تستشيروني، لا تقلقوا البعض ضاقت عليه الحيلة في المصاريف والعيال واضطر لاستشاراتي.. بس لازم ترسلوا أسئلتكم على الإيميل: [email protected] المهم نرجع لقصتنا، صاحبنا المسؤول الكبير كان بادي عليه الانزعاج الشديد، وطلب مني أن أوافيه على عجل، وأرسل لي سيارة فخمة، معدة خصيصا لكبار المستشارين من أمثالي، وحين دخلت عليه في مكتبه المهيب، وجدته كمن يهذي.. أرنب في الجردل.. جمبري في البانيو.. لا لا لا لا.. كان يقول ما سمعتم.. ونادى على سكرتيره بصوت أعلى من صوتي.. شوف لي الدكتور زفت ده تاني.. صوت الهاتف.. المسؤول الكبير يفتح الميكرفون.. هوه أنا عندي إيه يا دكتور.. يرد الطبيب.. يا فندم للمرة الألف عندك سرطان في الحوض. أغلق الهاتف بعصبية شديدة، وبيد مرتعشة، ثم وجه كلامه لي قائلا: - مش هانعيش أكتر ما عشنا، المهم مستقبل بلادنا.. - ربنا يديلك طول العمر يا فندم.. - وحشتني.. إنت فين من زمان، بخلان علينا باستشاراتك ليه؟ - والله يا فندم من وقت آخر استشارة، لما سيادتك خرجت من الوزارة وأنا مكسوف جدا من نفسي.. - يا أخي بسيطة، ما إنت رجعتني باستشارة تانية.. - حصل يا فندم لكن خايف أغلط تاني.. أخرجك، وأرجعك!!! - بتقول إيه؟ - لا ولا حاجة... المهم سعادتك تأمر بإيه؟ - والله فيه موضوع كده ملخبط الدنيا، الجماعة الفلسطينيين بيتخانقوا مع بعض ليل نهار، والموضوع ده اتسبب في عرقلة خطط كتير، وبهدل عملية السلام، والمبادرة، وكل حاجة اتلخبطت. ما عرفتش أرد على المسؤول الكبير اللي قصدني في استشارة، وطلبت منه مهلة للتفكير، ورجعت لبيتي خائف ومرعوب، وأنا باسأل نفسي إزاي أقدر أسحب كل الاستشارات إللي قلتها للإخوة في فلسطين؟
آلأن

تعليقات

اكتب تعليقك