التعسف الرقابي طال كل مجالات الإبداع بلا استثناء!.. برأي حسن كرم

زاوية الكتاب

كتب 404 مشاهدات 0


الوطن

تحرير العقل قبل تحرير الكتب الممنوعة..!!

حسن علي كرم

 

مثقفون ومؤلفو كتب وروايات وقصص وتشكيليون ونحاتون وموسيقيون وكتاب مسلسلات وممثلون ومخرجون وو و.. مستاؤون ومتذمرون ويشتكون مر الشكوى من تعسف الرقابة على المصنفات الفنية والابداعية الذي يطول اعمالهم الابداعية داخل الكويت اما بالمصادرة أو بالقصقصة أو بالسوق الى القضاء، فيما يرحب بها خارج الكويت في البلدان الخليجية التي تتوافق طبيعتها الاجتماعية والدينية والثقافية مع الكويت، فلماذا التعسف هنا والانبساط هناك..؟!
فمن التناقض ان الدستور الكويتي الذي صدر قبل اكثر من نصف قرن فيما كان ثلاثة ارباع المنطقة العربية حينها غارقة في بحور من الظلمة والعتمة، ضمن الدستور للمثقف الكويتي ولكل مبدع يعيش على ارض الكويت حق الابداع وحق التعبير وتشجيع الدولة ورعايتها للمبدعين والمثقفين، فماذا حدث حتى نكصت الدولة عن ضمان الحرية وحق الابداع وبالغت بالرقابة وتعنتت بالمصادرة ومارست التعسف والتضييق على المبدعين؟ واذا كانت ثمة شكوى واستياء من مؤلفين وكتاب طالت اعمالهم المصادرة والمنع سواء في معارض الكتب السنوية او العرض في المكتبات لكن التعسف الرقابي قد طال كل مجالات الابداع بلا استثناء!! 
فهل نحن امام مصادرة للدستور الذي هو أب القوانين، أم استنفد الدستور صلاحيته وما عاد يصلح لهذا الزمن المنكوب الذي نعيشه في ظل تنامي الارهاب وشوكة الرجعية وهجمة ثقافة الصحراء مع استرخاء السلطة وتحالفها مع الجماعات الدينية اياها، هذا فضلا عن تقوقع المثقفين وتقاعسهم حتى عن الدفاع عن انفسهم والدفاع عن الحريات وحق التعبير والابداع؟!! 
وفي هذا الصدد لعلنا نتساءل أين كان المثقفون والمبدعون الذين نأوا عن دورهم التنويري هذا فضلا عما تقتضيه المسؤولية الوطنية للدفاع عن المكتسبات الثقافية فيما كان الطرف الآخر سادرا في غيه بعد ما اطمأن لخلو الساحة تماما له؟ (!!)
لماذا تقاعس المثقفون المستنيرون عن الدفاع عن وزير التربية الاسبق المرحوم احمد الربعي عندما سيق الى منصة الاستجواب على خلفية نصوص دينية، واين كان المثقفون ايضا عندما سيق وزير الاعلام الاسبق المرحوم الشيخ سعود ناصر الصباح على قصيدة شعرية في كتاب عرض في معرض الكتاب وهو لا ناقة له فيها ولا جمل، فهل أخطأ احمد الربعي او هل اخطأ سعود الصباح عندما فعّلا النص الدستوري ووضعاه في النصاب الصحيح ام الحق على من يدعون بالمثقفين والمستنيرين الذين اصموا اذانهم واغلقوا افواههم وصدوا دونهم الابواب؟!
لقد أُكلتم يا من تدعون بالمثقفين وبالثقافة عندما لم تستشعروا الهجمة الرجعية الظلامية الشرسة التي وجهت على حين غفلة للمرحومين الصباح والربعي، ابكوا على اللبن المسكوب، ابكوا على مصادرة كم كتاب او منع عرض مسلسل درامي او عرض مسرحية هزلية او منع لوحة فنية او تمثال برونزي او حفلة غنائية تخالطت بها اصوات الرجال بالنساء لانكم لم تأخذوا في الحسبان ان يأتي الدور عليكم واحدا بعد الآخر وان الرياح الصفراء العاتية سوف تقتلع كل الاشجار المثمرة والورود والزهور الجميلة وتذبح العصافير المغردة على الاشجار او التي في اعشاشها، انه زمن الردة وزمن انتصار الثقافة الخشنة الجافة الاقصائية الانعزالية على المدنية والتمدن على الاستنارة والنور والانفتاح..!! 
لا تنتقدوا الدولة ولا تصبوا عليها جام غضبكم لأن الدولة تلعب سياسة وتنحاز الى جانب القوي، اللوم عليكم انتم والانتقاد عليكم انتم، انتم الذين تشرذمتم وتخاذلتم واكتفيم بالتحلطم وهززتم اكتفاكم للتعبير عن اللامبالاة..!!
ان الدولة لن تحمل سيف شمشون ولن تقطع اعناق الرجعية ولن تحارب طواحين الرياح الصحراوية الصفراء لانها لن تراهن على المجهول لتخسر المضمون، في الدول الحضارية والدول الواعية بأهمية التنمية الاقتصادية توضع الثقافة والفنون والابداعات مشاريع ضمن التنمية الاقتصادية، اما ربعنا قد تهمهم التنمية ولا الاقتصاد ولا تضخيم موارد الدولة ولا التنوع الاقتصادي طالما استمر الأنبوب النفطي متدفقاً!!
ان قضية الثقافة وقضية الابداع ليست قضية دولة وحسب كي نلقي كل الخطيئة على الدولة أو على الحكومة على الرغم من ورود نص دستوري بذلك وعلى الرغم من مسؤولية الدولة عن رعاية الثقافة والابداع بقدر ما انها قضية مجتمعية اولاً وقضية الطليعة المستنيرة آخراً، واذا كان هناك انحسار او تضييق على الابداع فيجدر بأهل الميدان توحيد صفوفهم ونسيان خلافاتهم وازالة الغيرة والحسد من نفوسهم، ثم الضغط على الدولة وتذكريها بمسؤوليتها الدستورية ازاء الابداع والتنمية الثقافية والاستنارة.
ليكن معلوماً أنه لن تحرك الحكومة ساكناً ولن تغير سياسات الرقابة على المصنفات الفنية والابداعية سواء كانت قصصاً او روايات او مسرحيات او لوحات تشكيلية او دراما تلفزيونية اذا لم تواجه ضغوطاً حقيقية من أهل الميدان، من معاشر المبدعين والمثقفين المستنيرين، وأكرر المستنيررررين (...) وبسكم تحلطم خلف الابواب المغلقة، هؤلاء الرقباء المتشددون لم يأتوا من خارج الحدود وانما من افرازات هذا المجتمع ومن ارهاصات الفكر الديني المتشدد السائد! 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك