حسن جوهر نموذجاً معاكساً!.. بقلم فوزية أبل

زاوية الكتاب

كتب 515 مشاهدات 0


القبس

حسن جوهر.. نموذجاً معاكساً

فوزية أبل

 

في مقالتي السابقة أشرت إلى أن أصعب المآزق التي يمر بها السياسيون، لا سيما الشعبيين منهم، تتمثل في انسلاخ السياسي عن قواعده الشعبية أو الانتخابية التي أوصلته إلى أن يكون ممثلاً لها. وكعادة السياسة، فهي تفرق لا تجمع بسبب تباين الآراء ووجهات النظر، لا سيما في مجتمع كمجتمعنا يحرك فيه مجلس الأمة المشهد بأبعاده الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
ولتقريب الفكرة أكثر سنأخذ نموذجاً لما حدث في مجلس 2009، فقد انقسم النواب إلى فريقين ،الأول اختار أن ينضم إلى المعارضة وفقاً لما كان يطلبه الشارع في وقتها بما فيهم القواعد الانتخابية، والآخر فضّل أن يكون سنداً للحكومة التي شعر أنها مستهدفة في شخص سمو رئيس الوزراء السابق.
وبصرف النظر عن خلفيات الصراع السياسي وما صاحبه من أحداث، ولكن بصورة عامة، حقق الطرفان (الموالي والمعارض) مكاسب شعبية كبيرة، ووصل كل منهما إلى ما كان يريده، بمن فيهما من خسر في الانتخابات الثلاثة التي تلت مجلس 2009.
بيد أن هناك خاسراً وحيداً في ذلك المجلس (مجلس 2009)، على الرغم من تأكيد أغلب المراقبين أنه اختار الطريق الصحيح والطرح العقلاني البعيد عن أمراض الطائفية والقبلية، والأغرب أن خسارته لم تأت لتبنيه مواقف جديدة، بل على العكس خسارته جاءت لأنه استمر محافظاً على مواقفه التي بدأها بمجلس 96 واختتمها للمرة السادسة في مجلس 2009.
د. حسن جوهر يمثل نموذجاً معاكساً لما قصدته، وهو خسارة السياسي عندما ينفصل عن الشارع، فقد تكبّد الخسائر لأن مواقفه التي اتخذها كانت نابعة من الشارع وتمثل أغلبية القواعد الشعبية التي كانت تعبر عن رأيها في الندوات والدواوين ووسائل التواصل.
وعلى اعتبار أن علم السياسة ليس فيه خاسر دائم أو فائز للأبد، فقد تكون نضج التجربة سبباً في أن يعود جوهر مرة أخرى إلى كرسيه الذي فقده بسبب رفضه الانفصال عن إرثه وعلمه الذي يدرسه لطلابه، لكونه أستاذاً للفلسفة السياسية.
وعلى الرغم من اختلافنا مع جوهر في عدد من المواقف، ولكني أعتبر أن رهانه على الشباب قد يؤتي بثماره في 2017 إذا خاض الانتخابات للمرة الثامنة. ووقتها سنؤكد، في حال نجاحه، أنه لم ينفصل عن قواعده الانتخابية، ولكن قواعده هي التي انفصلت عن فكره وعادت إلى جادتها من جديد، بعدما التقطت أنفاسها في خمس سنوات عجاف شهدتها الحياة السياسية.. وتبدلت بسببها المواقف.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك