محمد الشيباني يكتب: من هو الكويتي الذي سأل ؟!
زاوية الكتابكتب نوفمبر 1, 2015, 11:24 م 823 مشاهدات 0
القبس
من هو الكويتي الذي سأل..؟!
د. محمد بن إبراهيم الشيباني
سؤال علمي وجهه أحد الكويتيين إلى مختص في إحدى المجلات العلمية، المصرية القديمة وهي «المقتطف» عام 1928م.
وكان السؤال: عن عدد كريات الدم؟ وذلك بقوله: كيف عرف العلماء أن المليمتر المكعب من دم الإنسان فيه خمسة ملايين كرية من الكريات الحمراء؟
الكويت في سنة «1928م» كانت عبارة عن مدينة صغيرة أغلب سكانها في أربعة أحياء وهي الوسط (نواة الكويت الأول) والشرق والقبلة والمرقاب مع قراها المنتشرة مثل الجهراء والفحيحيل والشعيبة والفنطاس وأبو حليفة والمنقف، وجزرها المأهولة مثل فيلكا، وهو التقسيم القديم. أما التقسيم الحديث ما بعد الخمسينات إلى الستينات، فقد زادت المناطق والقرى وما زالت في الزيادة.
الأغلب يعلم أن الكويت في ذلك التاريخ كان فيها كثير من العلماء والأدباء والمثقفين على رأسهم الشيخ عبدالعزيز الرشيد والشيخ يوسف القناعي والشيخ عمر الأزميري والشيخ عبدالعزيز آل مبارك وغيرهم. وأما الأدباء والمثقفون، فكان الأساتذة حافظ وهبة ونوري الموصلي ونجم الدين الهندي والأديب سلطان الإبراهيم الكليب وسليمان العدساني أستاذ الشيخ ناصر بن مبارك الصباح (كعب الأحبار الكويتي)، إلا أن السؤال الذي طرح كان سؤالاً علمياً بحتاً، فمن هي الشخصية الكويتية أو غير الكويتية التي سألت هذا السؤال؟! ففي هذا السؤال دلالة على متابعة المواطنين أولاً: للمجلات العلمية والبحثية مثل المقتطف. الثاني: غرابة السؤال في تلك الأعوام، حيث شح المكتبات العامة، بل والخاصة في كثير من البيوت وعدم توافر الكتاب. وثالثاً: علمية السؤال، فمن يسأل عن كريات الدم في ذلك الوقت إلا من كان عالماً أو مختصاً؟!
شخصياً، اعتبر هذا السؤال دلالة على تقدم العلم والثقافة والمعرفة في الكويت آنذاك، وعثوري على هذا السؤال وغيره من المعلومات النادرة من خلال البحث يدخل ضمن تاريخ الكويت وأهلها. وعلى الباحث حين يقرأ المجلات القديمة أو الحديثة ومثلها الكتب أن يقرأها من الجلدة إلى الجلدة سطراً سطراً لا يعتمد على فهرس المحتويات، لأنه لا يركز على الدقائق مثل هذا السؤال الذي كانت أسطره لا تتعدى الخمسة. والله المستعان.
وكان الجواب عليه:
وليس هذا موضوعي، ولكن للفائدة العلمية أضيفه إلى المقالة - عرفوا ذلك بالنظر، فيخفف الدم بمقدار معلوم من سائل يمتزج به، وينظر إلى نقطة معلومة المساحة منه وبعدّ ما فيها من الكريات. مثال ذلك لنفرض أننا خففنا درهماً من الدم بألف درهم من الماء. ثم أخذنا نقطة صغيرة منه على رأس دبوس ووضعناها على لوح الميكروسكوب فشغلت مساحة طولها مليمتر وعرضها مليمتر.
والغالب أن الناظر بالميكروسكوب لا يرى إلا جزءاً صغيراً من هذه النقطة، ولنفرض أن طول الجزء الذي يراه عشرة مليمترات وعرضه عشرة مليمترات وعمقه كذلك. ولنفرض أننا رأينا فيه خمس كريات حمراء، ففي المليمتر المكعب كله الذي على لوح الميكروسكوب خمسة آلاف كرية. وهذا الدم ممزوج بالماء كما تقدم، فالمليمتر المكعب منه ليس فيه من الدم الحقيقي سوى جزء من ألف جزء، ففي المليمتر المكعب من الدم خمسة آلاف ألف كرية أي خمسة ملايين.
ولا يخفى أنه يجب تكرار الامتحان والمشاهدة في نقط كثيرة، وأخذ متوسط ما يرى فيها، لأن الكريات قد تكون مجتمعة في بعضها أكثر من اجتماعها في البعض الآخر، وهكذا يزال احتمال وقوع الخطأ. (انتهى الجواب).
• كلمات
«لا أسلم نفسي من خطأ وزلل، ولا أعصم قولي عن وهم وخطل، فالفاضل من تعد سقطاته وتحصى غلطاته». (الأمير يحيى بن حمزة العلوي - 669 - 749 هـ).
تعليقات