سر تخلفنا يكمن في ثقافة تجردت من التربية وثوابتها الصالحة.. بوجهة نظر تركي العازمي

زاوية الكتاب

كتب 540 مشاهدات 0


الراي

وجع الحروف  -  ....لا تصل إلى حد الكراهية!

د. تركي العازمي

 

تعلمنا ومازلنا نتعلم من الكبار... الكبار مَنْ عاشوا جيلاً «ما أرتاح له... بس ما أكرهه وأحترمه».

لاحظ عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة اننا في العقود الأخيرة وبوضوح تام أن البعض وصل لسبب ان شخصاً ما لا تتطابق كيميائه الشخصية معك.. يكرهك٬ ومجموعة آخرى تكرهك حتى وإن كانت لا تعرفك لإيمانها المطلق بعبارة «سمعت... وراح على الرأي الذي سمعه ولم يتحقق» يعني حكماً غيابياً اجتماعياً!

ولاحظ أيضا أنه حسب ما ذكره أحد الكبار وهم كما أشرنا مَنْ نتعلم منهم في قوله «.. يا ولدي حتى الفاسد في ذاك الوقت ما يكره اللي على حق وإن كان ما يعجبه»!

الآن السلوك المتبع «إذاً أنا فاسد... خلاص يا تكون فاسد مثلي وإلا ما أقترب منك وإن كان الحق معك».

خذ من وقتك ساعة فقط.. وتابع «نفس التغريدات» وتكوين المجاميع المغردة ستجدها أشبه بساحة صراع على تعرية كل طرف للآخر وعلى المكشوف سواء كان على حق أم على باطل المهم ألا تقترب من «ربعي» أو «صاحبنا» إلى درجة فيها من التهكم والازدراء والتحقير الشيء الكثير.

يروي لنا أحد الكبار حكاية معلم معه في الستينات... عندما حدث خلاف بين ابنه الطالب والمعلم وراجع المدرسة بعد طلب حضور ولي الأمر ولما علم أن ابنه على خطأ رد «خذه لحم ورده عظم ـ عندك إياه» بمعنى أنت أيها المعلم في المدرسة ولي الأمر وتربيته وتعليمه عندك... لكن الآن لو «بكى ابنك المدلل.. هاج كبرياؤك وصاحت رجولتك بردة فعل لا تربية فيها ولا أخلاق قد تصل إلى حد» رفع التلفون «للانتقام من المعلم... والمعلمون بعضهم لا صلة له بالتعليم والتربية إلا مجرد المسمى الوظيفي».

هوية التربية والتعليم لا تقتصر على المدارس... إنها عند الكبار فلما هجروا غرس المفاهيم الطيبة٬ ظهر لنا جيل لا اعتماد عليه.

وخذ عندك حكايات الموظفين... و«كله بالواسطة» فلا نظم إدارية ولا عادات اجتماعية مؤسسية احترموها حيث السائد أن الذي لا يعمل له التقدير والاحترام.

... الكثير من ربعنا «ما يعجبهم الكلام الصادق ولا السلوك الأخلاقي.. يريدون اتباع هوى أنفسهم أو ما تمليه عليهم أجندتهم الخاصة وهو أخطر شيء ممكن أن يتعرض له أي مجتمع.

وإن سلمنا بالأمر وقلنا «ماشي» و«بكيفهم»... بس لا يصل الأمر إلى حد الكراهية.

وعليه٬ يبقى السؤال: مَنْ يتحمل آثار هذا النمط المستشري الخطير الذي مع عقارب الساعة التي تمر سريعاً في آخر الزمان أصبح مألوفا ولم يتحرك الكبار ولو بملتقى يشرحون للمجاميع المتصارعة مفهوم الخصومة والحاجة إلى التربية قبل التعليم واحترام لوائح العمل المؤسسي وأهمية الالتزام الأخلاقي بالعمل والإنتاجية المطلوبة وكيف أنهم ٬ أي شياب اليوم٬ وإن شعروا بعدم انسجام فإنهم لا يكرهون ولا يحصرون الموارد لربعهم دون سواهم... إننا بحاجة لنتعلم أن اساس حالة تخلفنا وصراعاتنا محصور في ثقافة تجردت من التربية وثوابتها الصالحة ( قيم ومعتقدات سليمة): فهل يتحرك الكبار «الشياب» قبل فوات الآوان... الله المستعان.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك