الشجاع من يختار أن يبقى متسامحاً وسط جحيم التطرف.. هذا ما يراه خالد الجنفاوي

زاوية الكتاب

كتب 529 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  -  ترياق ضد سموم التطرف

د. خالد عايد الجنفاوي

 

يشير التَطَرَّفَ وفق أحد المصادر إلى «مُجَاوَزَةُ حَدِّ الاعْتِدال،» ومن علاماته الاسراف في ردود الفعل العاطفية والانغماس الشديد في الشخصنة والمغالاة في السلوكيات والتصرفات الشخصية، وبخاصة في ميل المتطرف نحو الاثارة والدراماتيكية. السؤال الذي يطرح نفسه حول التطرف هو: ما الأسباب الرئيسة للتطرف، وهل هو سمة فطرية أم مزاج سلوكي يكتسبه أحدهم بسبب تأثره بالبيئة المحيطة به؟ أعتقد أن أحد أهم الأسباب الرئيسية التي تدفع أحدهم للتطرف الأيديولوجي والديني والقبلي والطائفي والفئوي تتمثل في خوفه الشديد من الاختلاف. فيتسم المتطرف، بكراهيته الشديدة (المعلنة أو الخفية) ضد كل ما يشعر أنه مختلف عنه من الأفراد والتوجهات الفكرية والميول الثقافية التي تختلف عما نشأ عليه المتطرف أو ما تعوّد عليه. الرفض الشديد لثقافة الاختلاف يكشف أيضاً عن رعب نفسي داخلي يسيطر على الدوام على عقل وقلب الشخص المتطرف ويتمثل في خشيته من الاضطرار للتعامل مع ما هو تعددي ومتنوع أو ما يبدو مختلفاً بشكل أساسي مع نموذجه الفكري والأخلاقي «المثالي». ما هو مختلف بالنسبة للمتطرف يعتبر أخطر شيء يمكن أن يُضعف ثقته في نفسه ويكشف بطلان فكره وزيف انطباعاته الشخصية نحو ما يجري حوله في العالم الخارجي. السبب الآخر الذي يؤدي بالبعض للتطرف هو تأثرهم السلبي بمن هم قريبون منهم، فإذا كان قرناء أو أقرباء المتطرف متشددين أصبح مع مرور الوقت نسخة مطابقة لهم، وإذا كان المقربون له يعتنقون النعرات القبلية أو الطائفية او الطبقية أو الطائفية، فحتماً سيصبح المتطرف الوجه الآخر للعملة المتطرفة. ينزه الإنسان السوي نفسه عن الوقوع باختياره في فخ التطرف وذلك لأنه يستند في سلوكياته وتصرفاته اليومية على الاعتدال والإنصاف والاستقامة الفكرية والأخلاقية، فيميل الإنسان السوي نحو الاعتدال تجاه ما هو مختلف، وذلك لأنه لا يخاف من الاختلاف في حياته الخاصة والعامة، بل سيشعر السوي بالسعادة والثقة وقت ما يدرك أنه يعيش في بيئة ترتكز على قبول التعددية العرقية والثقافية والدينية والمذهبية والفئوية. وبالطبع، لا يتأثر الإنسان السوي سلباً بمن هم حوله، لأنه تعوّد على الاستقلالية الفكرية، فيصد تلقائياً أي محاولة تافهة لإرغامه على ركوب صهوة التطرف: يوجد بالفعل ترياق (دواء) ضد سموم التطرف ويتمثل بشكل أو بآخر في الحكمة التالية. الإنسان الشجاع هو من يختار أن يبقى متسامحاً وسط جحيم التطرف والغلو.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك