الإصرار على أن تبقى المعارضة متوارية عن الأنظار هو الانتحار بعينه.. كما يرى الحساوي

زاوية الكتاب

كتب 735 مشاهدات 0


الراي

نسمات  -  يا معارضة كفاكم غروراً

د. وائل الحساوي

 

صدق الدكتور أحمد الخطيب عندما قال: «لا تقدموا الوطن على طبق من ذهب للفاسدين، فهذه المجالس المزورة هي المفضلة لديهم، وستستمر إلى آخر يوم من عمرها، بعكس المجالس المزورة الاخرى التي يتم اختراقها من بعض المصلحين الذين يشكلون قلقا لاعداء الدستور، ويستطيعون احيانا عندما يتجاوب معهم الشعب تحقيق مكاسب مهمة مثلما حصل في قضايا النفط». (الجريدة 16/ 3/ 2016).

وقال: «اذا كان هذا هو الواقع الاليم، فلا مفر من الاعتراف به، وهو ما يجعل مقاطعة الانتخابات من قبل العناصر الاصلاحية غير مجدية، وهو ما تريده السلطة»، وراح الخطيب يعدد تدخلات الحكومة منذ بداية العمل بالدستور من اجل اجهاض المجلس وتزويره، ثم خلق حزب نواب الخدمات الذي وفر لهم كل شيء، ثم طالب الخطيب بعدم المقاطعة ومحاولة اختراق الحصار على المجلس، فالوعي الشبابي قادم ليكمل المشوار.

لقد ارتكبت الحركة الاصلاحية في الكويت اخطاء كثيرة منذ العام 2006 عندما حادت عن ذلك المنهج الذي اتفقت عليه منذ العمل بالدستور عام 1962 وهو اصلاح ما يمكن اصلاحه وعدم تسليم الامور بيد المفسدين، ويقول النائب احمد السعدون بان نواب المعارضة كانوا 23 نائبا في عام 2009، ولكنهم لم يكونوا يشكلون اغلبية برلمانية ولذلك فقد كانت الحكومة «تشق وتخيط» كما تريد، واشتروا ذمم كثير من النواب، فلم نجد كمعارضة إلا النزول إلى الشارع لتغيير الاوضاع !

وبالفعل فقد استطاعت المعارضة فرض شروطها واسقاط الحكومة والمجلس وتعيين رئيس وزراء جديد، وعندما جرت انتخابات مجلس 2012 وجاء الشعب بمجلس قوي ومتماسك، تم حله سريعا ثم تم تغيير قانون الانتخاب بنظام الصوت الواحد !

لقد كانت غالبية الشعب الكويتي غاضبة من ذلك التغيير والذي يمثل استمرارا للمنهج الحكومي في محاولة وأد إرادة الشعب والهيمنة على القرار، وقرر كثير من القوى السياسية مقاطعة الانتخابات (ظناً منهم بان الحكومة ستتراجع عن منهجها وتستسلم لارادة الشعب، ولكن لم يحصل ذلك) بل استغلت فئات من الشعب الوضع ليأتوا بمجلس ضعيف ومهلهل لا يمثل الشعب الكويتي ثم صدر قرار المحكمة الدستورية باقرار قانون الصوت الواحد، وجاء مجلس 2012 المبطل الثاني ليكرس استمرارا للمجلس المبطل الأول ويشارك فيه كثير من النواب الفاسدين، ومما زاد الطين بلة أن قدّم خمسة منهم استقالتهم ظنا بان ذلك سيزيد الضغط على الحكومة !

ولكن الذي حصل هو أن استفرد ذلك المجلس الممسوخ بالبلد ثلاث سنوات عجاف ونزع ما بقي من ورق التوت الذي يغطي عوراتنا السياسية وذلك في وقت هبت فيه رياح التغيير على جميع البلدان العربية وتحولت إلى عواصف عاتية، بينما تراجعت الكويت في جميع المؤشرات وازداد حجم الفساد، وانفقت الحكومة المليارات من اجل شراء ولاء المواطنين إلى أن جاءت صدمة النفط لتخرج المخفي وتكشف حجم التخبط الذي يعيشه البلد !

إن الانعزال عن واقع البلد اليوم والاصرار على أن تبقى المعارضة متوارية عن الانظار إلى أن تتحقق مطالبها هو الانتحار بعينه، فلن تتنازل الحكومة عن كبريائها ولن تحرص على عودتهم إلى المجلس، بل وستفرح بتفردها في ادارة البلد لكي تكمل ملف التدهور الذي يعيشه البلد !

لذلك نقول للمعارضة في الكويت: كفاكم انعزالا عن واقعكم ونظرا للواقع من برج عاجي، وكفاكم تخوينا لكل من لا يسير تحت رايتكم ويأتمر بأمركم، وتعالوا إلى كلمة سواء لاصلاح ما انهدم، واسمعوا نصيحة من سبقكم قبل أن يتخلى الشعب الكويتي عنكم ويلفظكم، فان الخطب جلل !

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك