أحداث الفلوجة مقاربة لما جرى للكويت.. بوجهة نظر عبد اللطيف بن نخي

زاوية الكتاب

كتب 1111 مشاهدات 0

عبداللطيف بن نخي

الراي

رؤية ورأي- نصرة الفلوجة

د. عبداللطيف بن نخي

 

ضمن جهود الأكاديميين لمواجهة حملات التشويه الممنهجة ضد التطبيقي، كنت أنوي أن أخصص هذا المقال للحديث حول عدد من انجازات التطبيقي خلال الشهر الأخير. فمن بين هذه الانجازات ما جاء في لقاء جريدة «الراي» مع الدكتور خليل سلطان، مؤسس أول مختبر طبي هندسي في الخليج لترددات الاشعة الضوئية، حيث أشار إلى أنشطته البحثية وحصوله على براءة اختراع يتعلق بتطبيق نظام الاتصال عن بعد للتنبؤ بالصرع وتعجيل علاجه.

والانجاز الثاني، حصول التطبيقي على جائزة تميز أنظمة وخدمات التعليم الذكية في الشرق الاوسط - من معهد الشرق الأوسط للتمييز - تتويجاً لتنفيذ ما يزيد على 83 مشروعاً - في قطاعات الهيئة - مرتبطاً بمركز نظم المعلومات والحاسب الآلي. والخبر الثالث مرتبط بحصول فريق مشترك من هيئة التطبيقي ومعهد الابحاث وهيئة البيئة على موافقة - من اللجنة التنفيذية للصندوق متعدد الطرف التابع لاتفاقية مونتريال - على تمويل مشروع بحثي بقيمة تزيد على 310 آلاف دولار أميركي. ولكن التبعات المحلية الخطيرة لحرب الفلوجة، أجبرتني على تغير موضوع المقال.

بالنسبة الى، أحداث الفلوجة مقاربة لما جرى للكويت. فعندما غزا البعثيون وطني وضموه محافظة لهم، تعالت بعض الاصوات العربية المؤيدة لهذا الغدر بذرائع محمودة كوحدة الامة وتحرير فلسطين. وعندما أغار «الدواعش» على العراق واحتلوا العديد من المحافظات، بادر الكثيرون بنصرتهم - اعلامياً على اقل تقدير - بحجة أنها ثورة شعبية. وكذلك في مرحلة ما قبل التحرير، هناك تشابه بين قضيتي الكويت والفلوجة، حيث ان الحزب السياسي الديني الذي اعترض على مشاركة قوات أجنبية في تحرير الكويت، هو ذاته الذي يرفض اليوم الاسناد الاميركي والإيراني للجيش العراقي من أجل تحرير الفلوجة. ومن أجل تبرير موقفه المعارض، تبنى هذا الحزب الاقليمي الجانب الانساني في معركة تحرير الفلوجة.

لست مستغرباً من تقلب موقف هذا الحزب - في شأن حماية المدنيين - من دولة إلى أخرى في المنطقة، لأن تموج المواقف واختلاق المبررات الشرعية السياسية صناعة تتقنها كل التكتلات السياسية الدينية. ولكنني متخوف في شدة من تبعات تصريحات التيارات السياسية الدينية لأن ظاهرها رحمة لسكان الفلوجة، وباطنها نقمة طائفية للكويتيين.

أنا أرفض مقولة ان جميع سكان الفلوجة من «الدواعش» وممن يتعاطف معهم، لأننا نحن الكويتيين رفضنا قبل ذلك المبدأ نفسه مع الصامدين أثناء الاحتلال البعثي. وأحيي الابطال العراقيين وكل من يساندهم في تحرير الفلوجة، بل كامل الاراضي العراقية، ويساهم في تمكين الشرعية العراقية من فرض سيادتها على كل أراضيها، لأننا جميعا - الصامدين منا والنازحين - ناشدنا الدول الصديقة والشقيقة، استخدام القوة من أجل تحرير وطننا وإرجاع الشرعية رغم أن القوات العراقية كانت اعتقلت العديد من المدنيين واستعملتهم كدروع بشرية.

مشكلتنا أننا نفكر ونحدد مواقفنا داخل حدود صناديق تطرف صنعتها لنا أذرع لقوى اقليمية ذات هويات دينية. جميعها متفقة على أنه لن تقوم للأمة الإسلامية قائمة إلا بالرجوع إلى الله، وهي تدعونا للوحدة الاسلامية وتحذرنا من مخططات الغرب والصهاينة لتفكيك الامة. ولكن واقعنا هو أننا مفككون بسبب صراعاتهم البينية وتنافسهم في التمدد الاقليمي.

فلنتعلم من الغرب كيف حطم تلك الصناديق، فتمكن المواطن من التعايش مع زميله في الوطن والقارة والكوكب، وكيف عزز ثقافة أساسها التعددية والرحمة والمحبة، وكيف تبنى منظومة ديموقراطية متكاملة تمنع الحروب وتعاقب من يسعى إلى اشعالها، وكيف الزم نفسه معاهدات دولية تحمي المدنيين إن وقعت الحروب. لا يدّعون الكمال في التحضر والإنسانية، لكنهم يطالبون حكوماتهم بالعمل من أجل ترسيخ السلم والمبادئ الانسانية للجميع من دون تمييز بين مسيحي بريطاني وبين مسلم ابن مهاجر باكستاني.

لذلك أدعو جمعية الهلال الاحمر الكويتية إلى تنظيم حملات لجمع تبرعات لدعم الأوضاع الإنسانية في الفلوجة، مثلما فعلت مع المدنيين في سورية واليمن وغيرهما من مناطق الكوارث والصراعات المسلحة. وأيضا أدعوها إلى تشكيل فريق من المتطوعين الكويتيين للسفر إلى الفلوجة من أجل المشاركة في الجهود الانسانية لمساعدة المدنيين كما فعلت للبحرين. وكذلك أناشد من يستطيع من المواطنين - وفي مقدمهم المغردون - التبرع لدى الجمعية والتطوع في أنشطتها بنية مساعدة ضحايا الحروب من المدنيين أينما كانوا لأنهم نظراؤهم في الانسانية من دون تفاصيل عنصرية أو طائفية.

ومن جهة أخرى، أناشد الجهات المعنية التصدي التوعوي والقانوني للتصريحات الانسانية الممزوجة بالتحريض الطائفي. كما أحمل النواب مسؤولية مراقبة الحكومة في تطبيقها لقانون الوحدة الوطنية وثقافتها، حيث ان استمرار بعض رموز الفتنة في أنشطتهم المشبوهة من دون محاسبة، دليل قاطع على تقاعس الحكومة والبرلمان عن واجباتهما أو أنهما دون مستوى المسؤولية... اللهم اكشف لنا النائب المتقاعس وجنبنا إعادة انتخابه.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك