مسرحية كوميدية يعرفها القاصي والداني.. يعقب حمد العصيدان على إعلان النظام السوري إنتصاره في حلب

زاوية الكتاب

كتب 474 مشاهدات 0

حمد العصيدان

الراي

من زاوية أخرى- لا عزاء للعرب... مصيرهم يقرره الآخرون!

حمد العصيدان

 

الآن، وبعد أن هدأ صخب الاحتجاجات والأصوات المنددة والمستنكرة والشاجبة، وما يمكن أن يستخدم من كل مفردات اللغة عن الرفض، تجاه ما جرى في مدينة حلب السورية...

وبعد أن بسط نظام بشار سيطرته على أنقاض حلب الشرقية وجثث أهاليها، وما رافق ذلك من فزعة عربية «خليجية حصراً» لنصرة الأشقاء ـ إنسانياً فقط بالطبع ـ وما نظم من حملات إغاثة...

وبعد أن وصل من تبقى على قيد الحياة في حلب الشرقية إلى منفاه الداخلي في غرب البلاد، تمهيدا لمنفاه الخارجي، وإعلان روسيا ـ وليس نظام بشار ـ انتهاء معركة حلب، وأنها قضت على نحو 35 ألف إرهابي بأكثر من 71 ألف غارة جوية بكل أنواع الصواريخ المحرمة دولياً وأخلاقياً، وبعد أن اجتمعت القوى المؤثرة الثلاث لتقرير مصير الدولة السورية...

بعد كل ذلك، وبعيدا عن اللغة العاطفية والانجراف وراء الخطب الرنانة التي باعت الهواء للأشقاء منذ بدء ثورتهم، نقف لنلقي نظرة متواضعة على ما جرى في العلن والخفاء، ونظرة إلى ما يمكن أن يحدث بعد التقاء الأفرقاء في القضية على طريق واحد، وابتعاد «العم سام» عن الملف، واكتفاء زعماء القارة العجوز بالتصريح من دون العمل أو لعب دور فاعل في القضية.

أولا، لا يعتقدنّ أحد أن ما جرى في حلب من سيطرة النظام كان بسبب نصر عسكري حققه، فهو لم يتقدم خطوة طوال سنة وثلاثة أشهر من عمر التدخل الروسي ودعمه بأعتى حملة جوية يشهدها العالم، بل إنه مني بخسائر كبيرة، أهمها تحقيق المعارضة تقدماً كبيراً بكسر الحصار عن حلب الشرقية، والسيطرة على أكبر وأهم القواعد العسكرية للنظام في المحافظة، فماذا جرى إذاً حتى حصل ما حصل؟

لا شك أن خذلان المعارضة من داعميها، كان السبب الأول في قبولها الخروج من حلب، يضاف إلى ذلك ما جرى خلف الأبواب المغلقة بين تركيا وروسيا، حيث الترتيب للمواقف على الأرض في المحافظة، فتقدمت تركيا عبر «الجيش الحر» الذي تدعمه في الريفين الشرقي والشمالي وصولا إلى مدينة الباب، وقطع الطريق على التمدد الكردي غربي نهر الفرات، وهو مطلب تركي ملحّ، مقابل خروج المعارضة من حلب الشرقية وتسليمها للجيش الروسي الذي عمل منذ مساء الخميس الماضي على طرد جيش النظام وكل الميليشيات اللبنانية والعراقية والإيرانية، منها ونشر عناصر أتى بهم من الشيشان، في خطوة روسية مدروسة للتقرب من المكون السني في سورية، بعد ما ارتكبه من جرائم جوية دمّر فيها الحجر والشجر وقتل البشر، ولوقف أعمال «التعفيش» التي يقوم بها عناصر النظام والميليشيات، وتعني بلغة أهل الشام، سرقة محتويات البيوت.

أما إعلان النظام عن الانتصار، فما هو إلا مسرحية كوميدية يعرفها القاصي والداني، على مبدأ المثل الشعبي «القرعة تتباهى بشعر جارتها»، فيما حقيقة الواقع تقول إنه هو الغائب الاكبر عن كل المجريات، فلم يكن في بداية الأحداث سوى عسكري ينفذ الأوامر، ولعل ما يشير إلى أن النظام وحليفه الإيراني لم يكونا موافقين على الاتفاق الروسي - التركي، محاولات عرقلة اتفاق خروج المقاتلين من شرقي حلب، حيث احتجزوا الحافلات التي تقلهم وأطلقوا النار عليها، ما اضطر الجيش الروسي إلى وضع عنصرين مع كل باص وأعطاهم الأوامر بالرد فوراً على أي إطلاق نار على الحافلات.

ثم جاءت التحركات التالية لاتفاق حلب، حيث اجتمع وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران، واتفقوا على خطة تسوية سياسية للأزمة السورية، لعل بدايتها تتمثل في وقف لإطلاق النار سيمتد على كل الأراضي السورية، يمهد لانطلاق مفاوضات جديدة، وهو ما أبلغه بوتين لبشار في اتصال هاتفي بينهما يوم الجمعة الماضي، عندما أعلن انتهاء معركة حلب، وقال إن الجهود الآن تنصب لإيجاد حل شامل للأزمة، وسط أخبار عن مفاوضات جادة وتختلف عن كل ما سبقها، ستستضيفها دولة آسيوية من دول الاتحاد السوفياتي السابق، هذا عدا إعلان مبعوث الأمم المتحدة عن انطلاق جولة جديدة من المفاوضات في فبراير المقبل في جنيف.

كل ذلك يجري والعرب «آخر من يعلم» وكأن القضية تتعلق بأحداث تجري في كوكب آخر، ما يؤكد أن العرب لم يعد لهم أي وزن ولا تأثير، ولم يعد رأيهم يهم حتى لو كانت القضية تتعلق بمصيرهم!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك