أحمد الديين: الإنفاق على السلاح غير مراقب ومرتع للعمولات والفساد والرشاوى

زاوية الكتاب

كتب 523 مشاهدات 0


شراء أسلحة أم أتاوة سياسية؟! كتب أحمد الديين بشراكم يا أهل الخليج... فقد جاءت البشارة من واشنطن بموافقتها على بيعنا أسلحة بقيمة 20 مليار دولار... «أسلحة دفاعية مهي بهجومية» تُذكّرنا بأسلحة «نهاش فتى الجبل» في المسرحية الشهيرة «باي باي لندن»! ومع أنّ «شر البلية ما يُضحِك» فإننا عندما ننتقل من الهزل إلى الجد، ونستعرض الأرقام المعلنة والمجمّعة حول حجم الإنفاق العسكري لدول مجلس التعاون الخليجي فسيتكشف أمامنا مقدار الهدر الضخم والمتعاظم لموارد بلداننا واحتياطياتها المالية وفوائضها... وهو إنفاق ليس مبرراً، سواءً من ناحية الاحتياجات الدفاعية الفعلية، أو من حيث طبيعة ومستوى القدرات الدفاعية الذاتية، ولا تجد له تبريراً مقنعاً على ضوء التجارب الواقعية، وأخطرها تجربة الغزو المريرة، والطبيعة الرمزية لقوات «درع الجزيرة»... هذا، ناهيك عن المفارقات العجيبة الغريبة، التي تكشفها أرقام الإنفاق العسكري الخليجي! فدول مجلس التعاون الخليجي أنفقت في العام 2005 وحده ما نسبته 54 في المئة من إجمالي الإنفاق العسكري لدول منطقة الشرق الأوسط بما فيها الدول العربية الأخرى، وإيران، وإسرائيل! وقد تصاعد الإنفاق العسكري الخليجي من نحو 27 مليار دولار في العام 2000 إلى 34 مليار دولار في العام 2005، ويبدو هذا التصاعد متناسباً طردياً مع ارتفاع أسعار النفط، أكثر من أن يكون ذلك بسبب صلته بالاحتياجات الدفاعية... وهاهي صفقة العشرين مليار دولار الجديدة تأتي في هذا السياق! إنّ هذا الإنفاق الضخم والمتزايد على مشتريات السلاح يتم بالضرورة على حساب الاستخدامات المدنية للموارد المالية، أي على حساب حياة الناس ورفاههم وتحسين مستويات معيشتهم وتمتعتهم بخدمات أفضل في الصحة والتعليم، وتطوير البنى التحتية... فنجد على سبيل المثال أنّ مستوى نصيب الفرد الخليجي من الإنفاق العسكري يفوق بكثير نصيبه من الإنفاق على الخدمات العامة الأساسية، بل أنّه واحد من بين أعلى أنصبة الأفراد من الإنفاق على الأسلحة في العالم... فوفقاً لبيانات منشورة احتسبها الدكتور نوازد عبدالرحمن الهيتي من بيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد وبيانات التقرير السنوي للمعهد الدولي لبحوث السلام، بلغ نصيب الفرد الخليجي من الإنفاق العسكري 958 دولاراً في العام 2004، ويتفاوت هذا النصيب بين دولة خليجية وأخرى... وعلى سبيل المثال لم يزد نصيب الفرد في الكويت من الإنفاق على الصحة في العام 2002 على 552 دولاراً، بينما كان نصيب الفرد في الكويت من الإنفاق العسكري في العام ذاته 1239 دولاراً... واللّه وحده يعلم كم أصبح نصيبنا الآن؟! وبالإضافة إلى ما سبق فإنّه من بين أسوأ ما يتسم به الإنفاق العسكري، بسبب طبيعته الاستثنائية، هو عدم خضوعه للرقابة والتفتيش المالي السابق أو اللاحق، ونظراً لكونه يتسم بالسرية وغياب الشفافية وهذا ما يفتح الباب واسعاً أمام نفاذ أشكال وأساليب من الفساد والانتفاع والتنفيع والعمولات، التي لا يمكن كشفها بسهولة، وذلك ليس فقط على حساب المال العام، وإنما الأخطر أنّه يتم أيضاً على حساب الأمن الوطني! باختصار، من الصعب تبرير هذا الإنفاق العسكري الضخم في دول مجلس التعاون لأسباب تتصل بالاحتياجات والقدرات العسكرية الذاتية، وبذلك فإنّ التفسير الوحيد الممكن لهذا الإنفاق ينحصر في كونه «أتاوة مالية» تضطر أنظمتنا وبلداننا لاعتبارات سياسية بحتة إلى دفعها للدول الكبرى!
عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك