فارس الوقيان: من خاض السياسة أصبح سياسيا ولو رفع شعارات الدين
زاوية الكتابكتب يوليو 30, 2007, 7:56 ص 550 مشاهدات 0
الرأي المحلي
نقدلوجيا
وحل السياسة وحرمة الدين!
كتب:د. فارس مطر الوقيان
أخطر ما يمكن أن يواجهه كاتب في حقل السياسة، ان يتناول في
أفكاره وأطروحاته وسهامه النقدية تنظيما دينيا سياسيا، لأن
المسألة تتجاوز كونها سياسية محضة لها علاقة بأصول اللعبة
الدائرة حول البرلمان والسلطة والعمل السياسي والشعبي،
لتصل الى مرحلة تمس حرمة الفكر الذي يستمد وجوده وتفاعلاته
من الدين، وهنا تكمن الإشكالية الكبرى، فالسياسة والدين
لدينا في الكويت لهما مسار واحد متلازم يستخدم المنظومة
الدفاعية والتبريرية ذاتها، فعلى سبيل المثال حين يتصدى
أحدهم لرجل سياسي يمثل تيارا اسلاميا في الكويت، نتيجة
لسلوك وعمل سياسي مشين، له علاقة بالفساد والرشوة والسرقة،
فمن الطبيعي ان تحضر تبريرات جاهزة معلبة تنال الكاتب
الناقد بأشنع التهم مثل، ليبرالي، علماني، تغريبي، معاد
للهوية الإسلامية، وتنتقل المسألة من كونها علاقة كاتب
نقدي برجل سياسة الى علاقة ايديولوجيا، تمس قداسة الدين،
تضع الكاتب في موقع المذنب الذي لا يشفع له سوى التوبة!.
لابد من القول بصراحة ان رجل الدين الذي يدخل فضاء السياسة
من أوسع أبوابه في البرلمان او التشكيلة الحكومية عليه
تحمل تبعات قراره في خوض غمار السياسة، فهو توقف عن كونه
رجل دين مهما كان هندامه وخطابه ومرجعيته الايديولوجية،
وتحول الى مجرد رجل سياسة يستخدم كل ادوات اللعبة
السياسيةومنها المراوغة والتضليل والميكافيلية وغيرها من
الأساليب، وعلى رجل الدين ألا يجزع من تسميته بهذا المسمى
لأنه ينسجم بالفعل مع طبيعة الوظيفة المنوطة به، كما يحرره
المسمى من أي أفعال يؤديها في العمل السياسي تتعارض مع
أصول الدين وتعاليمه ومن الأفضل ان يكون محل انتقاد في
سلوكه السياسي لكونه رجل سياسة على ان يقدم نموذجا سيئا
سلبيا للمنظومة الدينية التي يمثلها كرجل دين!، وهنا تقع
الطامة الكبرى، فمثلما حاول ربط عمله السياسي بالدين فإن
الناس تشكلت في مخيلتهم صورة رمزية عن ارتباط السياسي
بالديني ما يعني بالنهاية نفورهم من سياسي هذا التنظيم
الديني، وتراجع علاقتهم برجال الدين، ولا نبالغ حتى
بالقول:علاقتهم بالدين ذاته!
ما نريد قوله ان أجواء العمل السياسي في الكويت ملبدة
بهواء خانق مليء بالنفاق والصفقات المشبوهة والمصالح
الانانية والانقلاب الفكري على المفاهيم والمبادئ، فلم يعد
لدى الناس قناعة عميقة بمصداقية هذا السياسي او ذاك، بل
أصبح المواطنون يتعايشون مع رجال السياسة بالقدر الذي
تتبادل فيه المصالح ووفقا لعقلية الغنيمة، وهنا يقع في
المغلوط من يجد في نفسه الفراسة والذكاء في لعب دور رجل
السياسة ورجل الدين في آن واحد، لأنه سيكون أشبه بمن يمشي
في حقل ألغام او على رمال متحركة، فما هو مهم ليس أن يبقى
رجل الدين والسياسة في موقعه لأنه مجرد رقم عددي في منظومة
العمل، بل المهم أن تبقى صورة الدين ناصعة بعيدة عن
الشبهات
الوسط
تعليقات