يبدو أننا أمام إصرار حكومي في حصر التنمية بعدد المشاريع الإنشائية..برأي خالد الطراح
زاوية الكتابكتب سبتمبر 30, 2017, 11:47 م 987 مشاهدات 0
القبس
من الذاكرة- التنمية البشرية تحتمل التأجيل
خالد الطراح
يبدو أننا أمام إصرار حكومي في حصر التنمية بعدد المشاريع الإنشائية، وليس بالنهوض في التعليم واستثمار الموارد البشرية من أجل مستقبل واعد ومزدهر، بطاقات وطنية لا تتحول إلى معول هدم، وإنما عامل بناء بمشاركة فعالة للقفز إلى مستويات تنموية للدولة!
التفاؤل ضرورة تقتضيها ظروف الحياة بشكل عام، حتى لا يسيطر اليأس على الفرد أو من يعمل من أجل إحداث تحوّل في المفاهيم والخطط، وبالتالي تحقيق تطور نوعي ملموس، خصوصا في الميادين الحيوية ذات الصلة المباشرة بالتنمية، لكن الإفراط بالتفاؤل له مردود سلبي على مجالات تستدعي العمل بناء على أسس ورؤية واضحة، من دون تبرير ما يتم التخطيط له بأنه جزء من التفاؤل، كما بالغ فيه أمين عام التخطيط!
هناك دول في العالم أصبحت مرجعا في الصناعة والتكنولوجيا، وهي في الأساس لم تكن لديها ثروة نفطية كالكويت، والأمثلة على ذلك كثيرة من دون الحاجة لسرد تاريخي.
واضح أن جهاز التخطيط، كما ورد على لسان الأمين العام للتخطيط (القبس 2017/9/17)، له تفسير مختلف عن المعنى الحقيقي والعلمي للتنمية المستدامة، فالتنمية بالنسبة الى الأمين العام ربما تكون بالعدد الكمي للمشاريع الإنشائية وضخامتها وحجمها، كالمدن العمالية والمشاريع المرهقة للخزانة العامة وبيئة العمل في الكويت، من أجل إحداث تغيير في ترتيب الكويت وفقاً لمؤشرات دولية.. وقد تكون من دون مراعاة، أو الأخذ بعين الاعتبار، الأولويات للتنمية النوعية المستدامة، من خلال استثمار العنصر البشري، وتنويع مصادر الدخل، ووضع حد للرؤية القائمة على النفط كمورد وحيد للدولة!
خلال الأسبوع الذي سبق نشر الحديث الصحافي للأمين العام، نشرت القبس ومواقع إخبارية أخرى تقارير عما يئن فيه ميدان التعليم ومخرجاته وسوق العمل، لكن يبدو أن الإمعان في هذه القضايا ليس بأهمية وأولويات تنموية، فمناظر المشاريع الضخمة والأبراج وضخامة الجهاز الحكومي والتوسع في خطط إرهاق ميزانية الدولة، ربما أهم بكثير من تطوير الثروة البشرية وتنويع مصادر الدخل ومعالجة العبء على ميزانية الدولة!
«استثمار رأس المال البشري» وفقاً للأمين العام يحتاج سنوات للتطوير لنرى «آثاره»، بما في ذلك «جودة التعليم»، مما يعني أن موضوع التعليم يحتمل الانتظار، في حين التوسع الإنشائي أهم كما يبدو أو كما فهمنا، ومجالا رحبا للعمل فيه في المرحلة الراهنة!
تحدث الأمين العام عن «قيادة القطاع الخاص للتنمية»، من دون تقديم ما يبرهن على ذلك في الرؤية التنموية وخططها بعيون جهاز التخطيط، في وقت أسهب المسؤول التنفيذي عن التخطيط في الحديث عن خطط العمل للمشاريع المهلكة والمكلفة للدولة، وهو ما يتناقض مع الطرح في إفساح المجال لقيادة القطاع الخاص للعنصر البشري والاستفادة منه!
يبدو أن جهاز التخطيط باعتقادنا، ليس على علم بما يجتاح الكويت والعالم أجمع من فكر إرهابي وتطرف، ما يقتضي مواجهة كل هذه التحديات من خلال تطوير منظومة التعليم والمناهج، حتى يصبح التعليم من ثروات الدولة وليس من معوقات التنمية!
نلتمس العذر لجهاز التخطيط، فهو ــــ كما يبدو ــــ منغمس في كمية المشاريع الإنشائية وليس علوم المعرفة والتنمية البشرية، ربما لأنهم وراء ما هو كمي، وليس نوعياً في مجال التنمية بسبب غياب متخصصين في التنمية وإدارة المشاريع!
«التفاؤل هو شكل من أشكال كسل العقل»!
تعليقات