لماذا يشعرنا النواب بأنَّ الصفقات مع الحكومة أمرٌ وليدُ اللحظة؟.. يتسائل محمد السداني

زاوية الكتاب

كتب 418 مشاهدات 0

محمد السداني

الراي

سدانيات- بين رياض وجمعان

محمد السداني

 

لو توقفنا عند السجال الدائر بين النائبين الفاضلين رياض العدساني وجمعان الحربش، لوجدنا بُعداً آخر غير الذي نشاهده ونسمعه في مؤتمراتهما الصحافية التي ملأت الدنيا اتهاماتٍ يلقيها كلٌ منهما على الآخر. والبُعد الذي أقصد هُنا، هو بُعد ماهية العمل النيابي الذي أصبح متأثرا بكل تشكيلة لمجلس الأمة وأصبح متأثراً بالظروف المصاحبة لكل مجلس. فلا أصلَ للعمل النقابي الرقابي في المجلس ثابتٌ في أذهان النواب، بل الأمر رهنٌ للانفعالات اللحظية التي تطرأ على ساحة الكراسي الخضراء، وهذا ليس تقليلا من شأنهم - أستغفر الله - فربما هناك أمور قد تخفى على العامة البسطاء أمثالنا!

ولعل جوهر الاختلاف بين النائبين، يكمن في الرغبة التصحيحية التي ينشدها نائب دون نائب، فأحدهما يريد تهدئة تسير بها الحياة البرلمانية إلى بر الأمان، تصاحبها بعض التصحيحات للاختلالات التي حدثت سابقا بقصد أو من دون قصد وأدت إلى ضربات أوجعت الكثيرين من المحيطين بنواب التهدئة. أما النائب الآخر فهو يريد إصلاحا آنيا ينبلج من رحم قاعة عبدالله السالم وبالأدوات التي يملكها كل ممثل للأمة، من دون مراعاة أي ملفات سابقة ومن دون أي مساومات أو صفقات. وهذا بكل تأكيد من حقِّ كل نائب، فلا صفقات تعقد بين متضادين من أجل إصلاح أخطاء ارتكبها - البعض- على حساب بلد بأكمله.

ولكنِّي أرى من وجهة نظري المتواضعة، أنَّ الطرفين قد نسيا أو تناسيا أشياء مهمة جداً، أولاً: أنَّ العملية التصحيحية عبر المساءلات السياسية - الاستجوابات - لن تكون لها نتيجة إلا إقالة وزير من منصبه وتعينه في مكان آخر. وعلى مر التاريخ في الكويت لم تجدِ الاستجوابات نفعاً في تغيير الواقع، وكل ما في الأمر هو إبراء لذمة وقسم فقط، ومن يعتقد غير ذلك - فهو بكل تأكيد لم يقرأ صفحة واحدة من تاريخ الكويت السياسي.

ثانياً: إنَّ التاريخ شاهدٌ على أنَّ النواب المدافعين عن الحكومة - بكل صور الدفاع - صغيره وكبيره، هم نواب آثروا الابتعاد عن الدور الرئيس للنائب في الرقابة والتشريع والاكتفاء بتخليص المعاملات وإرضاء المسؤولية، لكي يستعدوا للمعارك الانتخابية المقبلة، وحقيقة لا رابح في هذا المشهد، إلا النائب ومحيطه.

ثالثاً: إنَّ من الحصافة النيابية عدم الاقتتال في قضايا ذات حكم لاحق. فما جدوى مناقشة أحقية النائب في تقديم استجواب من عدمه، ومدى جدوى معارضة مساءلة نائب للحكومة! فالفيصل والحكم في هذا الموضوع هو التصويت، لا المؤتمرات الصحافية.

رابعاً: لماذا يشعرنا النواب بأنَّ الصفقات مع الحكومة أمرٌ وليدُ اللحظة وأنَّ هذه السُّنة لم تكن موجودة في مجالس الرموز السياسية - التي لو ركض الكثير عمرهم كله لن يصلوا ربع مسيرتهم - على حد تعبير أحد النواب!

أخيراً، لماذا يتعامل معنا بعض النواب وكأننا أصحاب ذاكرة الذباب، وأن الشعب الكويتي لا يملك فهماً واقعياً للمشهد السياسي على مدى عمر الحياة السياسية القصيرة في الكويت.

يا سادة، إذا أردتم أن تصفوا حساباتكم، فمجلس الأمة مقر تشريع ورقابة وليس مكاناً لتصفية الحسابات بين بعضكم البعض. فرفقاً بشعب ودولة تتمنى أن تكون كما كانت درة ومركزاً مالياً وحضارياً من جديد، ورفقاً بشعب يكفيه ما يعانيه مِن تشرذم وتفرق...

خارج النص:

إلى أصدقائي المهتمين بالقطاع التربوي، من يملك خطة وزارة التربية ورؤيتها للتعليم - إن وُجدت - يرسلها لي على الإيميل.

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك