أصبح تعليمنا سياسياً بامتياز بعد أن كان يعتمد على أسس تربوية بحتة.. برأي مسفر النعيس

زاوية الكتاب

كتب 493 مشاهدات 0

مسفر النعيس

الراي

صوت القلم- تعاطينا السياسي حطّم أحلامنا

مسفر النعيس

 

في زمن مضى عندما كنا قادرين على عمل توازن بين السياسة والرياضة والتعليم والصحة، كان بلدنا متميزا جداً ومتفوقا على الدول المحيطة به ويسعى للتطور ومواكبة الدول الكبرى في الكثير من المجالات. هذا العصر الجميل كان كل شيء فيه يسير كما هو مخطط له، بعيداً عن الاستحواذ والعمل الفردي والعناد. وكان كل شخص يوضع في مكان يناسبه ويتماشى مع تخصصه، ولذا تجده يبدع فيه ويطور العمل. فقد كان التعيين والتوظيف بحسب التخصص بعيداً عن التدخلات السياسية ونحوها، وهنا الفرق الذي صنعته الأجيال السابقة والتي أرست دعائم اللبنة الأساسية لكويت المستقبل.

اليوم تغير الحال بكل أسف، فأصبحنا جميعا سياسيين نتعاطى السياسة ليلاً ونهاراً، وندخلها في كل شيء، وهذا واقع مرير أتمنى تغييره بأسرع وقت، فأصبحت هي الشهادة والكفاءة، فعلى سبيل المثال أصبح تعليمنا سياسياً بامتياز بعد أن كان يعتمد على أسس تربوية بحتة، فإن كنت مُعلماً كفؤا وليس لديك نائب أو متنفذ، فإنك ستتقاعد من دون أن تترقى، وإن ترقيت بمجهودك وكنت لا تملك واسطة فإنهم سينقلونك الى منطقة بعيدة بحجة افتتاح مدارس في مناطق جديدة وهذا لا ينسحب بالطبع على من يكون اسمه في ملف أحد النواب الذين أصبحوا كالمناديب في وزارات ومؤسسات الدولة.

وعندما تتخرج في الجامعة، فإنك تتنظر ربما سنتين او أكثر حتى تجد نائبا يكون طوق نجاة وينقذك من شبح البطالة الذي أنساك ما تعلمته، رغم أن تخصصك مطلوب في الكثير من الجهات الحكومية وربما يشغله أحد الوافدين في تناقض واضح لسياسة إحلال العمالة الوطنية.

وعندما تسعى لتطوير ذاتك وتحصل على أعلى مراتب العلم وتجد فرصة سانحة لك لتبوؤ منصب مهم يحقق طموحك وتسعى من خلاله لخدمة بلدك وتضع علمك وخبراتك من أجله، ولا تملك واسطة، فإنك سترى من هو أقل منك خبرة وتعليم في هذا المنصب لأن لديه نائبا أو متنفذا، وهنا يأتي الإحباط ويختل ميزان العدالة الاجتماعية التي تعد أحد اهم الركائز الأساسية في بناء البلد.

وهذا بكل أسف ما يحدث حالياً وبشكل ملحوظ، وهو نتاج تعاطينا السياسي السيئ وتدخل السياسة في جميع مناحي حياتنا، سواء الاجتماعية أو التربوية أو الصحية وغيرها، فكم أتمنى أن يتم تعديل الميزان من أجل ألا يتدخل السياسيون والمتنفذون في ما لا يفقهون فيه وحتى يأخذ كل ذي حقٍ حقه، عندها سيعود بلدنا إلى ذلك الزمن الجميل الذي مضى، والله المستعان.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك