النظام التعليمي وما يحمله من إرث ثقيل لا يستطيع أي شخص أن يصلحه بسهولة..كما يرى محمد السداني

زاوية الكتاب

كتب 755 مشاهدات 0

محمد السداني

الراي

سدانيات-«بوعزيزي التربية»

محمد السداني

 

عائدٌ إلى المدرسة بعد مشوار طويل لأعزي أحد الأصدقاء بوفاة عمه، وعندما اقتربت من سور المدرسة الذي يرمز إلى كل شيء كئيب وُجد على وجه البسيطة، رأيت طلابا جالسين في الحديقة المقابلة للمدرسة، وظننت أنَّهم طلاب مدرستنا، ولكن بعد التدقيق والتمحيص تبين أنهم طلاب من المرحلة المتوسطة. وبكل بساطة أجابني أحدهم عن سؤالي لسبب غيابهم عن المدرسة «مالي خلق» من دون أي تردد أو استحياء، فعدت أدراجي لأكمل مسيرة العلم والتعليم التي لم ولن تتأثر ولو غاب المعلمون جميعا!

كنت أفكر وأنا أخطو خطواتي البطيئة إلى المدرسة عن سبيل إصلاح التعليم، بعيداً عن الشعارات الرنانة التي تحثنا على البدء بنفسنا وترك النظام التعليمي الفاسد الذي سيتغير بتغير الأفراد، والذي أثبتت الأيام أنَّ النظام الفاشل الذي نعيشه يتوارثه الأفراد المسؤولون ويزيدونه سوءا كلما تولوا منصبا في هذه الوزارة التعيسة.

وقد فكرت في السبل التي لم نطرقها لإصلاح التعليم، فوجدت أننا أمام شيئين، الأول هو «توضيح» حقيقة انحدار المستوى التعليمي في الدولة بعيداً عن البهرجة الكاذبة والنسبة المزورة التي تظهر في شاشات التلفاز وعلى صفحات الجرائد منافسة نسب فوز جمال عبدالناصر في الانتخابات الرئاسية، فأعتقد أنَّ الصورة التي تتناقل للمسؤولين هي صورة الاحتفالات والأوبريتات من دون أن يمتلئ الطالب علما ومعرفة، وهذا أول سبيل مقترح لإصلاح التعليم.

أما الآخر فقد خطر ببالي «البوعزيزي» وهو يحرق نفسه مشعلاً بذلك ثورة تونسية جديدة غيرت وجه دولة كاملة وأخرجته من نظام ديكتاتوري مستبد، فتصورت أن يُقدم معلم ويكون «بوعزيزيا» ويشعل نار الثورة في المناهج وآليات القياس والتقويم وغيرها من الأنظمة التي أوصلتنا إلى أن نتفاخر بأن يعرف الطالب القراءة والكتابة، وكأننا في العصور المظلمة أو عصور التخلف.

إنَّ النظام التعليمي وما يحمله من إرث ثقيل لا يستطيع أي شخص أن يصلحه بسهولة، يجعلنا أمام معضلة حقيقية تتمثل في مواجهة رغبتنا في التعليم والهدف من صرف مليارات الدنانير على سلوك شكلي ومسرحية سمجة تسمى النظام التعليمي في الكويت الذي لم نرَ من خيراته سوى تكدس الطلاب في جامعة تخلت عن دورها البحثي، وبدأت كما يسميها المصريون «تكروت» التعليم للتخلص من الأعداد الضخمة التي تأتيها بنسب عالية من دون أن تعرف أساسيات التعليم، بل إن بعضهم لا يعرف الكتابة الصحيحة... وطلاب يسافرون ببعثات إلى أوروبا وأميركا ويجلسون سنوات وسنوات لاجتياز سنة اللغة مع تسرب الكثير منهم والعودة إلى أرض الوضع بحجة الأمراض النفسية وغيرها من الحجج التي لا تلزمهم بدفع ما أنفقته الدولة عليهم.

لا أعتقد مع هذا التخبط أنَّ الدولة جادة في مفهوم التعليم إيمانا وتطبيقا وممارسة، بل إنني أعتقد جازما أنَّ مدارس الكويت بمشارقها ومغاربها تحقق رؤية مرسومة لها من أجل تخريج أجيال وأجيال ليس لها علاقة بالتعليم الحقيقي بشيء، فالتعليم الحقيقي هو الذي يستفز العقول ويطرح التساؤلات التي ينتج عنها رؤية خاصة للطالب يعبر بها عن ذاته ويكتشف بها العالم من حوله بما يراه مناسباً وليس ما تراه ورقة الاختبار!.

 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك