شركاتنا الوطنية التي تنوي الانتقال للخارج غير وطنيه -فحوى مقالة سعود العصفور
زاوية الكتابكتب سبتمبر 9, 2007, 9:26 ص 472 مشاهدات 0
شركاتنا الوطنية والبعد الوطني
عندما تتحكم العقلية التجارية الصرفة الخالية من أي اعتبار وطني أو اجتماعي بقرارات
مؤسسة، فاعلم أن هذه المؤسسة وصناع القرار فيها فقدوا ذلك البعد «الإنساني»
الإيجابي في الطريقة التي يديرون بها مؤسساتهم. وهذا بالضبط ما يحدث مع شركة
الهواتف المتنقلة وتهديدها الخجول والمبطن بالانتقال إلى مركز خارج الكويت. والأمر،
للأسف، ليس مقصوراً على شركة الهواتف المتنقلة فقط، بل يشمل قطاعاً عريضاً من
شركاتنا الوطنية الخاصة التي تطبق جيداً مبدأ «تعظيم الأرباح، وتقليل التكاليف» ولو
على حساب الوطن والمواطن، وتتجاهل بكل إصرار الدور الوطني المفترض أن تقوم به كل
قطاعات الدولة بما فيها «القطاع الخاص»، وناسين أو متناسين أنه لولا الله، ثم هذا
البلد الذي مكن لهم هذا المستوى من الفرص التجارية وفي ظل سوق يكاد يكون محتكراً
عليهم، لما وصلوا إلى ماوصلوا إليه الآن. ومن يعتقد أن بإمكان شركة مثل شركة
الهواتف المتنقلة أن تمتد من الكويت إلى خارجها مثل «الأخطبوط» الذي امتد من شرق
الخليج العربي إلى أقصى غرب أفريقيا من دون الاعتماد على ذلك التاريخ الطويل من
الاحتكار المبارك حكومياً أو تلك الخدمات التي قدمت لها على «طبق حكومي» من ذهب،
وفي غالب الأحيان من دون مقابل يذكر، فهو إما واهم وإما متفائل إلى درجة تجعله يرى
القيادتين الإدارية والمالية للشركة تفوق في أدائها أداء قيادات الشركات الكبرى في
أوروبا والولايات المتحدة، والتي لم تتمكن أن تحقق الدرجة نفسها من التوسع الشرس
والعنيف الذي حققته الهواتف المتنقلة ضمن فترة زمنية قصيرة جداً!
هذه النزعة الأنانية المقيتة هي التي جعلت شركة الهواتف المتنقلة من أعوام عدة تنقل
مراكز خدمة العملاء إلى الخارج، في الوقت الذي كان من الممكن لهذه المراكز أن توفر
فرص عمل طيبة للشباب الكويتي، بالإضافة إلى كونها مصدراً آخر لتنشيط الدورة
الاقتصادية المحلية إذا ما «توطنت» هي وكل الأعمال المتصلة بها. وهذه النظرة
المصلحية الضيقة هي التي تجعل هذه الشركات تفكر كثيراً في تصدير أقسامها وأجزائها
مع الاحتفاظ بمكتب «شرفي» في الكويت أصغر من أصغر فرع في الخارج.
إن ما وصلت إليه شركات مثل الهواتف و«أجيليتي» وغيرها من الشركات التي خرجت عن
النطاق المحلي إلى الأسواق الإقليمية والدولية لم يكن إلا بفضل هذا البلد وشعبه،
وأن مجرد التفكير في الانسلاخ عن الواقع الكويتي والضرب بالمصالح الوطنية عرض
الحائط من أجل «تعظيم الأرباح»، لا يمكن أن يعتبر إلا قطعاً لليد التي رعت وحرست
و«دفعت» من مالها العام حتى تصبح هذه الشركات على ما هي عليه الآن. فلا الكويت ولا
شعبها يستحقون من قيادات هذه الشركات هذه النظرة الضيقة، وهذه النزعة الأنانية التي
تحسب الدينار مقابل الدينار بعيداً عن أي اعتبارات أو حسابات وطنية في المقام
الأول.
الراي
تعليقات