محمد العوضي يروى حكاية (قرية الكويتيين) في إندونيسيا كنموذج لعطاء أهل الخير من أبناء الكويت

زاوية الكتاب

كتب 1795 مشاهدات 0


خواطر قلم
 كويتيات من جاوه!!
 
 
 
 
هل فكرت مرة أن تقوم بقياس درجة حرارتك الإنسانية؟
وهل يمكن لنا ان نَزِنَ مشاعر حب مساعدة المحتاجين ورحمة المنكوبين؟ أظنك معي في أن الاحاسيس عصية على القياس الدقيق وأن المشاعر وخلجات النفس أعجزت الشعراء والبلغاء في الوصول إلى كوامنها. انك أنت وحدك أيها الإنسان الذي يملك الميزان الذاتي في معرفة الجانب الإنساني في شخصه، وذلك عندما تسمع أو ترى المصائب والكوارث تحل بالآدميين. من هذه اللحظة ماذا يقول قلبك؟ وكيف تكون مشاعرك؟ وما الخواطر التي تقتحم عقلك؟ هنا تعرف هل أنت من عالم البشر أم أنك قطعة من خشب أو أن قلبك قُدَّ من حجر.
في زحمة ما قيل ويقال عن مفهوم السعادة وتعريفها علمتني الحياة ان «السعادة في اسعاد الآخرين» بشرط ان يمد الإنسان يد العون للمحتاجين دون مقابل ولا لأي غرض شخصي أو مقاصد انانية بعيدة فيكون العطاء ظاهره الرحمة الإنسانية الإعلانية الدعائية وباطنه عذاباً كما تمارسه منظمات المجتمع الدولي في استراتيجيات استثمار الكوارث والمجاعات لنهب أراضي ومستقبل وثروات المنكوبين (انظر كتاب: سادة العالم الجدد: العولمة - النهابون - المرتزقة - الفجر) ترجمة ونشر مركز دراسات الوحدة العربية ليعرف البسطاء بالتحليل الوثائقي ضحايا البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية... و... تعالوا نقف ولو باختصار على نموذج للعطاء الطيب والحب الصادق لما يقوم به بعض ابناء مجتمعنا من أعمال اغاثية خيرية ونوعية. هل سمعتم (بالقرية الكويتية) في جاوه الغربية بمنطقة (قاروت) في اندونيسيا. لقد زرت في بداية التسعينات مخيمات مشردي البوسنة على حدود ألبانيا وسافرت إلى الصين وذهبت إلى الجبال التي يسكنها مسلمو الصين الذين هربوا بدينهم من قمع الشيوعيين الملاحدة قبل سبعين سنة، وقبل شهر كنت في زيارة إلى مدينة (بوتلند) الصومالية للوقوف على حال آلاف النازحين بسبب الحرب. وفي كل هذه المناطق رأيت آثار الأيادي الكريمة من بلدي تنتشر في كل مكان...
أما الجولة الأخيرة - رغم قصرها - فكانت في الأيام الماضية مع الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية - لجنة مسلمي آسيا - كان الجدول اليومي كثيفاً يبدأ من بعد صلاة الفجر إلى العشاء في مناطق متعددة لافتتاح مشاريع خيرية متنوعة وكان أول مشروع تحت مسمى (القرية الكويتية) وهي عبارة عن 100 ألف متر مربع والذي أطلق عليها قرية الكويتيين هم الأندونيسيون وليس الكويتيين. والقصة بدأت بمحسنة كويتية اسمها (منيرة) بنت صفوفا دراسية في المنطقة (قاروت) عن طريق جمعية الإصلاح ثم جاء متبرع عن طريق جمعية التراث وبنى مسجد المطيري بجوار المدرسة ثم جاء متبرع ثان داود الأنصاري عن طريق الإصلاح الاجتماعي وبنا مسجداً ومدرسة ومن ثم جاء رواد مسجد موضي الصباح بفصول دراسية أخرى، وجاءت المتبرعة انيسة وأسرة الأنصاري الكريمة ببناء مدرسة وهكذا تشكلت قرية الكويتيين. ثم قامت الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية - لجنة مسلمي آسيا - بتبني 200 يتيم يعيشون في هذه القرية بالتعاون مع جمعية الرحمة الاندونيسية التي يشرف ويتابع اعمالها بالكويت أحمد الهولي وخالد الكندري ولقد شهدت منظراً يثير البهجة في النفوس في زيارة هذه القرية حيث كان الوفد الكويتي 17 فرداً رجالاً ونساء وهم ينفذون مشاريعهم الجديدة لتكميل مرافق القرية وسد حاجاتها.
ونسيت ان اذكر دار الأيتام التي بناها اسعد السعيد مع بنات المضف اقبال وخالدة، وكذلك صالة طعام ودار المشرفات للأخت هند المضف. ولو رأيتم الأهالي والطلاب والطالبات والأيتام والمشرفين وهم يرحبون بنا بالانشاد والورود والتحيات لدمعت اعينكم وبكت قلوبكم فرحاً ولقد وضع حمود الفرحان عن والده المرحوم ووالدته الحجر الأساس لدار الأيتام وكذلك الأخت خالدة وهند المضف بوضع الحجر الأساس وصالة طعام للمشرفين تكميلاً لما قامت به اختهما لدار المشرفات... كل هذه القرية الآن بإدارة واشراف الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية - لجنة مسلمي آسيا - التي يباشر المتابعة عليها الأخ عبدالرحمن العوضي.
وكان أهل القرية في عرس اجتماعي وهم يشاهدون ويشاركون افتتاح المشروعات الخيرية، وقد ختم الحفل بتوزيع عطاءات عينية لعدة محسنين، وقامت جمعية عبدالله النوري بتوزيع عيني (مشروع حي على الصلاة) ومن مميزات مشروع يتامى (القرية) انهم يصلون الفروض الخمس في المسجد ويدعون لكفلائهم ولمن بنى هذه الدار وكان منظرهم روحانياً، واليتيم مكفول السكن والمأكل والجانب الصحي والتعليمي والادخار له حتى يكبر. وكل الشكر للعم ابو طلال الغربللي الذي تكفل بهؤلاء اليتامى.
وقبل ختم المقال ننوه على ان الهيئة الخيرية وفقت في اختيار جمعية الرحمة الاندونيسية برئيسها عبدالله سعيد باهرمز بتمثيلها في تنفيذ المشاريع باندونيسيا، لما له من خبرة في العمل الخيري وتواصل مع جميع الجهات الاندونيسية والكويتية، وهو حفيد الحضارمة اليمنيين الذين استوطنوا اندونيسيا قبل 200 سنة أو اكثر وهو خريج الدفعات الأولى من جامعة المدينة المنورة وصلته بالسفارة الكويتية طيبة، ولقد زرنا الخميس سفارتنا في جاكرتا بصحبته وأطلعناهم على تفاصيل النشاط الكويتي الخيري، وكان في استقبالنا سعادة السفير ناصر العنزي والقنصل خالد الحصم ومسؤول الشؤون المالية راشد بن سلامة وبعد تبادل الحديث وتفهمهم وتشجيعهم حثنا السفير على ان نزور مدينة (اتشيه) المنكوبة (بتسونامي) لنطلع على قرية جابر الأحمد أمير دولة الكويت الراحل والتي قامت عليها جمعية الهلال الأحمر الكويتي، وهكذا يتكامل العمل الخيري الكويتي على صعيد الأفراد والمؤسسات الخيرية والمشروعات الحكومية.


محمد العوضي

الرأى

تعليقات

اكتب تعليقك