مثنيا على علي وطنية علي الراشد..سعود السمكة يطالب أولا بتعديل نهج الحكومة ثم تعديل الدستور

زاوية الكتاب

كتب 845 مشاهدات 0





قراءة بين السطور 
تعديل النهج يسبق تعديل الدستور 

كتب سعود السمكه : 

 
شخصيا لا تربطني علاقة عن قرب مع النائب الفاضل علي الراشد.. لكنني كمراقب متابع للنشاط السياسي في البلد استطيع ان اؤكد ان شخصا مثله صافي السريرة، يمتلئ قلبه وضميره بحب الوطن والحرص على مصلحته، من الصعب جدا ان لم يكن مستحيلا ان يأتي احد ليزايد عليه في الوطنية او بفهم المسؤولية!
اما من ناحية مقترحه حول تعديل الدستور، فأنا شخصيا من الناحية المنطقية والعملية، ومن حيث المبدأ بشكل عام لا ارى ضررا من التعديل اذا لم يتعارض ونص المادة 175 منه، غير انني اعتقد ورغم مضي ما يقارب نصف قرن على صدور الدستور اننا حتى هذه اللحظة لم نقترب مجرد اقتراب من جوهر الدستور، وبالتالي فان مقترح مشروع التعديل ايا كان نوعه يبقى باعتقادي قفزا على المنطق واستحياء من تسليط الضوء على المشكل الاساسي والمعوق الرئيسي لمسيرة الاصلاح!
ان مشكلتنا يا اخ علي لا تكمن في بعض مواد الدستور، وان تعديله لمزيد من ضمانات الحرية والمساواة ايضا ليس هو بالمشكلة.. مشكلتنا يا بو فيصل وانت سيد العارفين تكمن في النهج!.. نعم في النهج فحين يكون النهج التقليدي والدائم للسلطة في اختيار الحكومات لا يتفق مع حاجات البلد وطموحات الناس في الاصلاح والتطور، فان اي تعديل للدستور هنا لن يفيد ولن يكون اكثر من حبر على ورق!
إن مسألة تعديل الدستور حذف حكم او اكثر من احكامه او باضافة احكام جديدة اليه لم يغفل عنها واضعو الدستور، لكنهم وضعوا شرطا بالا يتم التعديل قبل مضي خمس سنوات من العمل به.. اكرر خمس سنوات من العمل به.. خمس سنوات من العمل به هكذا تحدد المادة 174 من الدستور.. وهنا اسأل: على مدى مسيرة نصف قرن هل اتيح للدستور ان يعمل على النحو الصحيح، والذي اراد له واضعوه لفترة خمس سنوات؟!
أنت يا أخ علي تعرف ان الفصل التشريعي الوحيد الذي عمل بشيء من المعقولية بنص روح الدستور هو الفصل التشريعي الاول عام 1963، أي أول مجلس أمة اعقب صدور الدستور، أي أربع سنوات فقط، ثم تلته نكسة التزوير التي تسببت بجرح عميق أثر في قدرة الناس في هضم مصداقية السلطة رغم الانتخابات النزيهة التي جرت بعد التزوير للفصل التشريعي الثالث، ورغم بيان حزيران الشهير!
ثم بعد ذلك تتالت النكسات.. حل الفصل التشريعي الرابع قبل ان يكمل نصف مدته، وبقي البلد من دون وجود مجلس امة اربع سنوات كان الدستور اثناءها معلقا! ثم جاءت نكسة تجديد رسم الدوائر الانتخابية كي تتوافق مع طموحات القفز على جوهر الدستور.. ومعها بدأت عملية تسونامي التجنيس وعقد التحالفات مع القوى التي تتاجر بالدين! في الوقت نفسه فتحت السلطة باب الخدمات على مصراعيه لمواليها من النواب، حتى يمعنوا في زيادة تخريب النظام الدستوري الى ان وصلنا الى هذا الحد الذي يعاني منه البلد اليوم من فساد وافساد!
اذاً القصة من اولها الى آخرها ليست في عدم مواءمة بعض المواد في الدستور يا اخ علي!.. بل القصة تكمن في النهج الذي على اساسه يتم تشكيل مجلس الوزراء.. هذا النهج معيب ومتخلف ولا يخدم مصلحة البلد ولا مستقبله، ولا يمكن ان يحقق شيئا من الاصلاح حتى لو جمعنا كل دساتير العالم عندنا رغم ان دستورنا يعد من افضل دساتير العالم!
اقسم بالله العظيم يا اخ علي لو تهيأ للبلد حكومة تعي مسؤولياتها جيدا ازاء البلد ومواطنيه، وتحترم الدستور وقوانين الدولة قولا وفعلا بكل حزم، فسوف تختفي وبزمن قياسي من السرعة كل ظواهر التأزيم التي تشهدها الساحة اليوم، وسوف تتغير معظم وجوه اعضاء مجلس الامة الذين يمارسون عمليات الابتزاز والتأزيم.. وسيأتي مكانهم نواب يعون مسؤولياتهم ازاء البلد.
أعيد واكرر: العيب ليس في الدستور.. بل في النهج. فليتغير النهج لترى الدولة تسير بانتظام تنافس الساعة في سيرها!
إذاً تعديل النهج ينبغي ان يسبق تعديل الدستور.. وهذا هو المطلوب.
«وللحديث بقية».

سعود السمكه

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك