غياب البرامج الحكومية وفقدان الدور الرقابي الحقيقي للمجلس أدخل الحكومة فى صراعات مع النواب بعد تهميش دورهم الخدمي..والمواطن هو الخاسر الوحيد..فحوى مقال حسن الأنصاري
زاوية الكتابكتب أكتوبر 27, 2007, 8:27 ص 512 مشاهدات 0
فقدان قيمة المواطن
حسن محمد الانصاري
حين غيبت الحكومة برامجها الاستراتيجية ودعت لتطبيق برامج الاصلاح دون معالم واضحة وأرادت إنهاء الدور الخدمي لأعضاء المجلس دخلت في صراعات مع بعض الأعضاء فاختلطت تلك الصراعات بين الواقعية والمفتعلة. فأصبحت الحكومة هدفا سهلا ولا تستطيع إلا استقبال الاستجوابات من التكتلات البرلمانية المختلفة دون القدرة على صدها ولعل السبب وراء ذلك هو غياب البرامج الحكومية وفقدان الدور الرقابي الحقيقي للمجلس.
وحين تغيب الحكومة عن برامجها الاستراتيجية فذلك يعني إما أنها لا ترغب الاعلان عن برامجها المستقبلية أو أنها لا تمتلك القدرة على تطبيق وتنفيذ برامج تعهدت بالوفاء بها أو أن أدوات وأهداف وغايات تلك البرامج غير متكاملة مقابل الميزانية العامة للدولة وفي جميع تلك الحالات نجد قصورا واضحا من قبل الحكومة وهذا ما يجعل الأعضاء أكثر استياء وغضبا فيحاولون جاهدين الاصطياد ولو في الماء العكر وخصوصا بعد تهميش الدور الخدمي لهم. برامج الحكومة والتعهد بالوفاء بها تهم المواطن وإن عدم تقديم تلك البرامج يعني الاهمال لقيمة الانسان الكويتي وعدم الارتقاء به فتلك البرامج تخص المواطن الكويتي بالدرجة الأولى ولا تخص أعضاء المجلس بل ان وجود تلك البرامج تجعل من المواطن أكثر حرصا وفهما ويقينا إن كان أعضاء المجلس فعلا لهم القدرة على متابعة تنفيذها والمطالبة بما هو الأصلح لهم وتزيد من قدرة ضغط المواطن وتزيد من قائمة محاسبة العضو ويستطيع المواطن معرفة القدرات الحقيقية للعضو. أما اليوم فالمواطن لا يحاسب العضو البرلماني إلا بسبب افتعاله لتلك الأزمات والصراعات وفي نهاية اليوم وللأسف فهو الخاسر الوحيد في طرفي معادلة الديموقراطية فأصبح منهمكا مكسور الجناح بين استقالة للحكومة وحل للمجلس، ضعيفا في قدراته ومهاراته بين وزير مقال وعضو شرس لا يمهل أي فرصة لأي وزير لتحسين الوضع في وزارته، فخارت قوى المواطن العملية وصارت أنشطته خاملة دون كفاءة فضاعت قيمته ما بين حكومة لا برامج لها ومجلس اتخذ لغة العنف والصراع ثقافة جديدة علينا ودبلوماسية لا جسور لها للتوصل لحلول وسطية تجمع جهود أعضاء السلطتين في صالحه حتى يرتقي ويثبت على قيمته الحقيقية.
إن فقدان قيمة المواطن أكبر خسارة للدولة، فإن كنا لا نعيش مظاهر ومعالم تنمية اقتصادية في البلاد فإن مسؤولية الجميع حكومة ومجلسا العمل على بناء الانسان الكويتي وإعادة الثقة به ورفع قيمته، فلا خير في ديموقراطية تسلب قيمة المواطن بل لا خير في حكومة لا تستطيع الوفاء بأدنى وعود من خلال برامج قابلة للتطبيق والتنفيذ ولا خير في مجلس لا يتقن استخدام فنون المعارضة الراقية. الدولة بحدودها وعلمها وكيانها واستقلالها وبمواردها الطبيعية لا ترتقي حين يفقد المواطن من قيمته بل ان الحكومة نفسها والأعضاء أنفسهم لا يرتقون متى ما خسر المواطن الكويتي من قيمته. إن بناء الانسان الكويتي أكثر أهمية من البناء الاقتصادي والمعماري وتنفيذ مشاريع التنمية في الدولة، فالتنمية البشرية وبناء الثقة ورفع قيمة المواطن لها علاقة طردية بالتنمية الاقتصادية ومع تصاعد الخط البياني في قيمة الانسان تتصاعد المؤشرات الاقتصادية في الأسواق المختلفة في الدولة فالمؤشر الحقيقي للقيمة الفعلية لمشاريع الدولة يكمن في قيمة الانسان وقدرته على التعامل مع تلك المشاريع والاستفادة من خدماتها بعد أن يكون له دور حقيقي وفعلي بالمشاركة في بناء تلك المشاريع. فقيمة الانسان عامل أساس في الاقتصاد المتين وخير دليل في عالمنا اليوم نجد دولا مثل اليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية هذه الدول بدأت برفع قيمة مواطنيها فارتفعت المؤشرات الاقتصادية فيها وبالمبدأ نفسه تحذو ماليزيا محاولة اللحاق بركب تلك الدول حين بدأت ومنذ سنوات تقوية الثقة بالشعب الماليزي وتعزيز قدراته ومهاراته بهدف رفع قيمة المواطن الماليزي.
لقد سئم المواطن من ديموقراطية الصناديق التي جعلته أكثر قلقا وجزعا وخوفا من المستقبل بالمقارنة مع شعوب المنطقة، هذه الديموقراطية ليست من اختراعنا وهي ليست بدعة بل إنها نظام متكامل،والمواطن جزء من النظام وهو ليس فقط جزءاً من صندوق الاقتراع. ولكن كيف يكون المواطن مشاركا في حكم نظام يجهل برامجه ؟! وكيف يسوغ له حين يعلم أنه يخسر ويفقد من قيمته؟!. للحديث بقية
تعليقات