عبدالعزيز القناعي يشرح تفاصيل جريمة الثقافة في الكويت بعد سيطرة التيارات الدينية ؟!

زاوية الكتاب

كتب 832 مشاهدات 0


جريمة الثقافة‮ ‬في‮ ‬الكويت     

Thursday, 30 September 2010 

 عبدالعزيز القناعي 

الثقافة والقراءة هما من‮ ‬يحددان سلوك ونمط مجتمع ما كأداة لقياس مؤشرات التنمية البشرية،‮ ‬وكما ان الإنسان‮ ‬يحتاج إلى الهواء والماء والطعام ليعيش فإن الثقافة هي‮ ‬من تحدد له طريقة مزج هذه الأمور،‮ ‬فكلما كان المجتمع واعيا ومثقفا فإنه إلى الإبداع أقرب والى النجاح ماض،‮ ‬ويعيش المجتمع الكويتي‮ ‬فترات متقلبة أقرب إلى التوهان الثقافي‮ ‬في‮ ‬ظل سيطرة التيارات الدينية والسياسية على مجريات الأمور،‮ ‬فقد تم عزل حرية الرأي‮ ‬والتفكير بحجة الديمقراطية الإسلامية،‮ ‬ونظرا لان عنصر الثقافة والقراءة لا‮ ‬يعتد به وليس له مستقبل في‮ ‬الكويت لأسباب متعددة من ابسطها الرفاهية ونمط المجتمع الاستهلاكي‮ ‬السريع وإضافة إلى ذلك والاهم هو الحجر على الآراء والأفكار من قبل المجموعات الدينية وبتشريعات سياسية برلمانية‮ ‬يرون فيها انها الطريق المختصر الوحيد لكبل الحريات وإطلاق العنان للكسل والتفكير بساقط الفكر والكتب وتكون خشيتهم أكبر لمن‮ ‬يقرأ بلا حدود،‮ ‬وفي‮ ‬كل عام ومنذ سنوات طويلة‮ ‬يعاني‮ ‬قطاع الثقافة في‮ ‬الكويت جريمة بشعة تمارس ضده بكل أنانية وتواطؤ‮ ‬يحار فيها المرء من هذا الخوف من كلمة اقرا وابحث،‮ ‬أفلا‮ ‬يكفي‮ ‬ويكفينا ما نراه من ترديات وإهمال شبه كامل لتنمية الحس الثقافي‮ ‬بكل أنواعه،‮ ‬فخطط التنمية والتطور جاءت عرجاء دميمة لا مكان للكتاب فيها،‮ ‬والخطاب السياسي‮ ‬شبه فارغ‮ ‬من أي‮ ‬دعم وتشجيع لتطوير البنية الثقافية المتهالكة أصلا بفضل المحسوبيات والواسطات والمصالح الشخصية حتى دخل إلى هذا القطاع من‮ ‬يكره القراءة والكتابة ويرى التطوير والانجاز هو فقط في‮ ‬المحافظة على الكراسي‮ ‬وتقبيل الأيادي‮.‬
وتكمن أهمية الجو الثقافي‮ ‬للمجتمعات حين تقام معارض الكتب والنشر،‮ ‬فيتبارى الجميع لجلب وشراء أروع الكتب وأفيدها من أرجاء المعمورة لتكون زادا ومنهلا‮ ‬يزيد به الإنسان نهمه وشغفه إلى العلم والحضارة وحتى تشتعل منارات التفكير ويختفي‮ ‬الظلم والجهل من العقول وحتى تتفتح مناسم الحرية وتلقي‮ ‬باصداءها على النفوس فتزيدها بريقا وتوجها‮ ‬يراه الظمآن ماء لا سرابا‮. ‬إن ثقافتنا الحالية بأدواتها المؤسساتية هي‮ ‬من تصنع الإنسان العاجز وتدفعه إلى القبول بما‮ ‬يريد الآخرون أن‮ ‬يفكروا بدلا عنه،‮ ‬ومنع عدد من الكتب والأبحاث من مختلف الدول ما هو إلا دليل‮ ‬يضاف إلى ما تملكه عصبة التخلف والظلام من قوة وسيطرة على مجريات الأمور وذلك في‮ ‬غفلة ثقافية من قبل المسؤولين وصناع القرار،‮ ‬بل لقد تجاوزت الحدود وأصبح الكتاب عدوهم والرقابة سلاحهم في‮ ‬زمن الحريات وانقشاع الحواجز ما بين العقول،‮ ‬إن هناك مشكلات كبرى لم نواجهها بوعي‮ ‬ووضوح وقد‮ ‬يكون أصعبها علاقة الديمقراطية بالثقافة والدين وحدود المباح والحرام وهل للثقافة حدود وزمان ومكان؟ وقد‮ ‬يكون هذا هو السبب في‮ ‬عدم مقدرتنا على حل المشاكل واتساعها لتطال كل مناحي‮ ‬الحياة وبالأخص ما نعانيه من جفاء واختفاء الروح الثقافية واعتزالها الحياة بالمجتمع الكويتي‮ ‬في‮ ‬صورة‮ ‬يتيمة لا باكي‮ ‬لها،‮ ‬إن تخلفنا أو بالأحرى تراجعنا في‮ ‬مختلف الميادين منبعه إلى إقصاء الدور الثقافي‮ ‬في‮ ‬المجتمع،‮ ‬فتطور المجتمعات ونماؤها‮ ‬يعتمد اعتمادا كبيرا على الدور الثقافي‮ ‬للمجتمع فهو من‮ ‬يساعد على الثبات والاستقرار أو التراجع والتخلف،‮ ‬فكيان مجتمع ما أو إطاره العام‮ ‬يتحدد من مجموعة عاداته وتقاليده ونظامه وفنونه أو بما‮ ‬يعرف جميعا بالثقافة وهي‮ ‬ما تحدد لاحقا دور المجتمع في‮ ‬التطور أو الانكماش،‮ ‬ولعل تجارب الدول والحضارات القديمة كالتراث اليوناني‮ ‬أو الحضارة الفرنسية جعلت من الثقافة دربا لها للتقدم والازدهار فكان لها ما أرادت‮.‬
وهذه المفاهيم تجرنا إلى طبيعة العلاقة هنا بالكويت ما بين الثقافة والسلطة السياسية وما هي‮ ‬المعايير التي‮ ‬تتبعها الحكومة في‮ ‬سبيل ذلك؟‮. ‬بلا شك إنها عاجزة طبيعيا عن القيام بدورها في‮ ‬الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمع الكويتي‮ ‬إذ دخلت الثقافة كسلاح سياسي‮ ‬ومقايضة داخل البرلمان الكويتي‮ ‬وقد‮ ‬يصل إلى حد الاستجوابات الوزارية،‮ ‬وقد عرف سابقا بان الكويت دار ثقافة وعلم واطلاع ومقصد لعدد كبير من المفكرين والباحثين،‮ ‬ولكن وفي‮ ‬عصر اليوم وفي‮ ‬زمن السيطرة العقلية باسم الدين والإسلام أخذت هذه المفاهيم تتراجع إلى ادوار مخيفة جعلت من القراءة سلاحا عاجزا وغير مرغوب به‮- ‬انظر إلى حال المكتبات العامة كمثال صارخ‮- ‬وتداعت السلطة بتشارك مع قوى الظلام في‮ ‬تحجيم دور وأهمية الثقافة وربطها بمواسم وفترات بسيطة أو بتقنين ما نقرأ وما لا‮ ‬يجب أن تقع أعيننا عليه،‮ ‬إنها الأحرف التي‮ ‬تتداعى تحاول الوصول إلى العقول لتستقر فكرا ومنهجا في‮ ‬الحياة،‮ ‬فلا تدعوا الظلام‮ ‬يأخذ هذه الحرية ويسلبها أمام ناظرينا من اجل صفقات وأوهام،‮ ‬فحين‮ ‬يعجز الإنسان عن تحقيق الحياة والأمل وهذا ما نحن عليه،‮ ‬فكيف تريدون أن‮ ‬يكون المجتمع بعد سلب الحرية الثقافية منه؟

الشاهد

تعليقات

اكتب تعليقك