د. فيصل أبوصليب يستنكر غياب نوابنا عما يجرى من محاولات عربية لجر العراق للمحيط العربي بعيدا عن إيران
زاوية الكتابكتب نوفمبر 4, 2010, 3:04 م 708 مشاهدات 0
عالم اليوم
كلمات
نحن والعراق وإيران!
كتب د. فيصل أبوصليب
نظمت وحدة الدراسات الأميركية في جامعة الكويت الأسبوع الماضي ندوة سياسية بعنوان الانسحاب الأميركي من العراق وتأثيراته على المنطقة تحدث فيها سعادة السفير العراقي في الكويت السيد محمد حسين بحر العلوم والدكتور سامي الفرج رئيس مركز الكويت للدراسات الاستراتيجية.. والخطورة فيما يحدث في العراق أنه كما قال سعادة السفير على بعد عدة كيلومترات فقط من الكويت.. ونحن نتفق معه بأن أمن العراق مرتبط بأمن دول الخليج العربية والعكس صحيح..وتكمن خطورة الانسحاب الأميركي الكامل من العراق في احتمالية ألا يكون بمقدور القوات الأمنية العراقية تحمل الملف الأمني بشكل تام بعد الانسحاب بسبب عدم الجاهزية الكاملة.. وهنا مكمن الخطورة.. إذ إن هذا الوضع سيفتح الباب على مصراعيه لدول جوار العراق لمحاولة ملء هذا الفراغ الأمني ولن تكون هناك دولة مرشحة بقوة للعب هذا الدور أكثر من إيران.. وإيران كما تشير وثائق الويكيليكس الأخيرة مخترقة للوضع الأمني العراقي بشكل مؤثر منذ سقوط النظام العراقي السابق ولديها من النفوذ والتأثير ما يجعلها تتحكم بالمعادلة الأمنية والسياسية في العراق.. وكل ذلك والقوات الأميركية مازالت موجودة في بغداد.. فلنا أن نتصور الوضع بعد انسحابها بشكل كامل في نهاية عام 2011.
وقد يقول قائل..وما الضير في ذلك؟ فإيران تعتبر قوة إقليمية مؤثرة في المنطقة ومن الطبيعي أن تسعى إلى أن يكون لها نفوذ في العراق الذي يؤهله موقعه الجيوسياسي للعب دور محوري في المنطقة..ونحن نتفق مع هذا الطرح، فنحن في الكويت لا نصادر حق الإيرانيين في محاولاتهم زيادة نفوذهم وسعيهم الحثيث للوصول إلى مرحلة الهيمنة على منطقة الخليج وعلى المنطقة العربية بشكل عام.. فهذه هي السياسة.. ونظريات العلاقات الدولية تقول بأن تحركات وسلوكيات إيران في المنطقة نتيجة متوقعة للتغيرات التي حدثت في معادلة توازن القوى في المنطقة منذ 2003. ولكن وفي المقابل يحق لنا في الكويت أن نتفق مع السلوكيات الدولية التي تتوافق مع مصالحنا الاستراتيجية ونعارض غيرها..فليس من مصلحتنا سيطرة الإيرانيين على العراق وبسط نفوذهم فيه..والأسباب التي تجعلنا نقول ذلك كثيرة...أهمها أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ قيامها في عام 1979 وهي تتبنى أيديولوجية سياسية دينية تقوم على أساس مذهبي وتسعى إلى تحقيق حلم الامبراطورية من خلال تطبيق مبدأ تصدير الثورة..وهذا الأمر بالطبع يقلقنا في الكويت كونه إذا تحقق سيغير من المعادلة السياسية والاجتماعية السائدة في الجزء العربي من الخليج..والعراق أو جار الشمال يرتبط معنا بحدود برية طويلة وإذا تحقق للإيرانيين الاختراق الأمني والعسكري الكامل للعراق فإنهم سيشتركون معنا في حدود برية لأول مرة بعد أن كانت مياه الخليج تفصل بيننا وبينهم..وفي الثمانينات من القرن الماضي سخرت الكويت كل إمكانياتها وقدراتها المادية والاقتصادية وخدماتها اللوجستية لكي لا يتحقق هذا السيناريو بعد أن احتلت القوات الإيرانية شبه جزيرة الفاو في بداية حربها مع العراق وأصبحت على مقربة من الحدود الكويتية.
العراق في الوقت الحالي يعيش مخاض سياسي خطير ويمر بمرحلة سياسية حرجة ربما تحدد معالم المعادلة السياسية في المنطقة خلال المرحلة المقبلة، والسعوديون ومن ورائهم المصريون يسعون جاهدين لموازنة النفوذ الإيراني في العراق ويحاولون جر العراق مرة أخرى إلى الدائرة والمحيط العربي بدلاً من انجذابه نحو الشرق.. والكويت كدولة صغيرة ربما لا تملك الوسائل السياسية «وخصوصا في مرحلة ما بعد الغزو» التي تمكنها من لعب دور أساسي في العراق، إلا أنها يجب أن تدعم السيناريوهات التي تحقق مصالحها الاستراتيجية..ولا شك بأن إعادة العراق إلى الدائرة العربية ومحاولة إضعاف النفوذ الإيراني في العراق يصب في هذا الاتجاه.. ومن هنا تلتقي الكويت مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية الأخرى ومصر في موقفها السياسي من الوضع في العراق.
كل هذه المخاطر الخارجية تحيط بنا وعلى مسافة قريبة من حدودنا الجغرافية وبعض أعضاء البرلمان الذين يفترض أنهم نخبة الشعب وممثليه في عملية المشاركة السياسية في الحكم منشغلون مع الأسف الشديد في أمور هامشية كثيرة.
أستاذ العلوم السياسية ورئيس وحدة الدراسات الأميركية في جامعة الكويت
تعليقات