محمد الجاسم: الرسوب في مدرسة آل صباح
زاوية الكتابكتب يونيو 9, 2007, 4:17 ص 587 مشاهدات 0
مدرسة
'الصباح'!
ارتكب رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد خطأ قاتلا في غيابه 'الإعلامي'
عن الساحة السياسية المحلية على الرغم من بروز الحاجة لوجوده فيها بسبب
تداعيات استجواب وزير النفط الشيخ علي الجراح، وهي تداعيات اهتم الرأي العام
بمتابعتها يوميا فيما اختار رئيس مجلس الوزراء الغياب عنها. وليس بمقدور رئيس
الوزراء أن 'يتحجج' بغيابه في الخارج، فقد كان بإمكانه إطلاق تصريحات صحفية
من أي مكان. ولقد أدى غياب رئيس مجلس الوزراء 'التام' إلى فقدانه الكثير من
وزنه السياسي المفترض، ولن يمكنه خلال اليومين القادمين تعويض ما فقده وليس
أمامه سوى المشاركة بدور بسيط في الجزء المتبقي من قصة الاستجواب، وربما
سينحصر دوره في التنفيذ فقط.
نعلم يقينا أن رئيس مجلس الوزراء لا يتمنى بلوغ مرحلة حل مجلس الأمة، وهو
يميل حسب ظني إلى تشجيع وزير النفط على الاستقالة، كما نعلم أن الوزير نفسه
يود الاستقالة ويريد تحاشي المواجهة الصعبة، لكن غياب رئيس مجلس الوزراء عن
الساحة قد يكلفه أكثر من مجرد اهتزاز حكومته... إن القيادة فن وخبرة، وما غفل
عنه رئيس مجلس الوزراء هو أن غيابه المتعمد عن الساحة الإعلامية في توقيت حرج
فتح ملف تغييره هو، بعد أن فتح ملف قدراته وكفاءته في إدارة شؤون الدولة.
واليوم لم يعد الحديث المهم، في رأيي الشخصي، بقاء وزير النفط أو استقالته
ولا حل مجلس الأمة.. إنما أصبح الحديث الأكثر سخونة وأهمية هو هل يتم إعفاء
رئيس مجلس الوزراء بعد حل مجلس الأمة؟
حتى الآن فإن حسابات المنطق تستدعي استقالة وزير النفط لا تدويره ولا إقالته
في الصيف ولا صعوده منصة الاستجواب ولا حل مجلس الأمة.. إن هذا المنطق سليم
إذا كانت القصة هي قصة وزير النفط، أما إذا كانت القصة أكبر من ذلك، أي وجود
توجهات أو نوايا أو حتى درجة من درجات اليأس وعدم الرضا على أداء رئيس مجلس
الوزراء، فإن لهذه القصة منطق خاص هو الذي يقود نحو استدراج المواجهة تمهيدا
لحل مجلس الأمة، لا عقابا للنواب فالحل سيكون مكافأة لهم، بل بهدف تغيير رئيس
مجلس الوزراء. واللافت للنظر أن الحديث عن تغيير الرئيس حين يدور لا يتوقف
سوى في محطة واحدة وهي محاولة تحديد البديل. أي أن الحديث لا يتوقف عند مزايا
الشيخ ناصر المحمد أو انتفاء مبررات تغييره، وعلى رئيس مجلس الوزراء أن يدرك
مغزى هذا الأمر!
ومما يلفت النظر أن الشيخ ناصر المحمد الذي تهيأت له فرصة نادرة للحصول على
تأييد الرأي العام من دون عناء أو جهد منه، لا يحظى بمثل هذا التأييد في
أوساط عائلة الصباح (ذرية مبارك وغيرهم) وهو وإن كان قد حصل على دعم القيادة
السياسية أكثر من مرة وفي وقت قصير، إلا أنه لم يتمكن من استغلال هذا الدعم
وتوظيفه لصالح البلاد. كما أن هذا الدعم لم يردع 'عيال عمه' وخصومه من
غيرهم من استغلال نقص خبرته في الحياة السياسية والسعي لتوريطه أكثر من مرة.
وتأتي مسألة 'إعلانات الأهرام' لتؤكد أن القيادة مفقودة في الجانب الحكومي،
وأن اللعب في كل الاتجاهات وعلى كل المستويات أصبح خارجا عن سيطرة رئيس مجلس
الوزراء بل والوزراء أيضا.
وعلى الرغم من مظاهر ضعف أداءه وتردده في القرار واستعانته بوزراء انتهت
صلاحيتهم السياسية، بل ليس لديهم مثل تلك الصلاحية أصلا، فأنا شخصيا لا أتمنى
تغيير رئيس مجلس الوزراء، فقائمة 'الاحتياط' تكاد تكون خالية. فالشيوخ
الذين عملوا تحت مظلة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد أو الشيخ سعد
العبدالله أو سمو الأمير الحالي الشيخ صباح الأحمد لم يتمرنوا على القيادة
واتخاذ القرار والمبادرة بقدر ما 'تعودوا' على انتظار التعليمات والتبعية
والاستجابة من دون قدرة على بيان آراءهم الشخصية، فلم تنمو لديهم مهارات
القيادة، وتركزت قدراتهم في التقاط الإشارات وتحليل 'مزاجات' الشيوخ الكبار
وصحتهم، وأصبحوا خبراء في معنى الابتسامة ومغزى تقطيبة الحاجب واكتشاف
مكنونات النفس من خلال تعبيرات الوجه ثم الاجتهاد في التحليل السياسي على ضوء
معطيات المزاج! وفي نهاية اليوم يجتهدون مرة أخرى في 'التحلطم' وفي إلقاء
المسؤولية على الشيوخ الكبار. إن 'خبرة' من هذا النوع لن تتمكن من قيادة
الدولة وبالتالي فإن 'راح' ناصر فالبقية، باستثناء 'شلة الفساد'... ناصر
مكرر!
لقد كشفت 'أزمة الجراح' النظام تماما، أو هي كشفت الوضع الحقيقي 'لمدرسة
الصباح' ومقدار اضطراب القرار فيها وغياب الكفاءة عنها ومدى التفكك بين
صفوفها.. فتصريح الشيخ علي الجراح يدل على انعدام الخبرة والحس السياسي
وبقاءه في منصبه يدل على تبعيته وعدم قدرته على اتخاذ قراراته.. وفكرة حل
مجلس الأمة 'على شي ما يسوى' مجرد انفعال ورد فعل لا يضع في الحسبان
النتائج.. وغياب وتردد رئيس مجلس الوزراء يكشف عدم القدرة على المواجهة وشلل
التفكير.. ويبقى السؤال الأهم ما العمل؟ كيف يمكن تغيير 'مناهج' مدرسة
الصباح؟ إن الإجابة صعبة!
موقع الجاسم
تعليقات