نواب مجلس 'الغمة'كما يصفه نبيل الفضل لا يتمنون يوما ان يروا وزيراً قوياً أو أميناً لأنه سيتصدى لمطالباتهم وسيفضح ابتزازهم
زاوية الكتابكتب يونيو 12, 2007, منتصف الليل 431 مشاهدات 0
القوي الأمين
نبيل الفضل
دائما ما يتنطع نواب مجلس الأمة بمطالبة سمو رئيس الوزراء (ومنذ عقود) بتوزير من يصفونه بالقوي الأمين، لاعطاء دعوتهم نفحة قرآنية لا مجال لرفضها. والحقيقة اننا كتبنا سابقا ونكتب اليوم لنؤكد أن هذه الدعوة منحرفة عن مقصدها القرآني، فالقوة المقصودة بهذه الجملة القرآنية هي قوة الجسد وليست قوة الحجة والمنطق لأنها اتت على لسان بنت سيدنا شعيب في وصف سيدنا موسى عليه السلام. وسيدنا موسى كان معروفا بقوته الجسدية وضعفه الخطابي، حتى كان يستأذن الله سبحانه بالاستعانة بأخيه هارون عليهما السلام.
ولكن لنقف ونفترض حسن النية، ونتخيل ان اولئك النواب يناشدون رئيس الوزراء بتوزير القوي الأمين من الوزراء. فهل هم صادقون في هذه المناشدة؟! نحن نظن ظنا ليس فيه ذرة اثم، لأنه ايمان مطلق بأن مجلس الأمة ونوابه لا يتمنون يوما ان يروا وزيراً قوياً أو أميناً في حكومة الكويت، فمثل هذا الوزير سيتصدى لمطالباتهم وسيفضح ابتزازهم وسينتصر لضميره ووطنه في وجوههم المستجدية للخدمة والمعاملة المخالفة للقانون.
الناس تريد وزراء أقوياء مؤتمنين ولكن نواب مجلس الأمة لا يريدون سوى الوزير الضعيف أو الذي يستمسكون شيئا على امانته كي يهددوه به ويبتزوه. بل ان نواب مجلس الأمة الكويتي لو صادفوا وزيراً في الحكومة يتحلى بقوة الشخصية ونزاهة الذمة فإنهم سيسعون كل السعي لضربه وتناهش اطرافه كي يضعفوه، ويرمون له انواع المغريات السياسية كي يحطموا نزاهته السياسية ويمرغوا كرامته فلا يرفع امامهم عيناً ولا حاجباً.. بل اننا لم نر وزيراً ضعيفا قد تم استجوابه يوماً كالوزير عبدالهادي الصالح مثلا، بل ان الاستجوابات لا نراها إلا في حق الوزراء الأقوياء وأصحاب العطاء لتدميرهم. لذلك فكلما سمعنا نائباً يطالب بالوزير القوي الأمين عرفنا أن ذلك النائب كاذب أو منافق يخادع النفس أو في افضل حالاته يخادع نفسه ويبلف ذاته.
هذه النوعية من النواب وما اكثرها، هي النوعية التي لن تسمح كذلك بتحقيق حلم تحويل الكويت الى مركز مالي، لماذا؟!!
لأن تحويل الكويت الى مركز مالي سيعتمد في اساسه على تقوية القطاع الخاص كي يحتل لا مكانه الطبيعي فقط، بل مكانه المتميز والضروري لتكوين الاساس الذي يقوم عليه المركز المالي المنشود.
نواب مجلس الغمة لا يريدون ان تقوم للقطاع الخاص قائمة مهما ادعوا وخادعوا بدعوتهم لتقوية القطاع الخاص، لأن استقواء القطاع الخاص يعني بالضرورة استجذابه للكوادر الوطنية والعمالة الوطنية، مما يعني ان هذه الكوادر والعمالة ستكون خارج نطاق الوساطات النيابية وشراء الولاءات الانتخابية، فنواب الغمة ليس لهم دالة على القطاع الخاص ولا يملكون ادوات ابتزازه، وان ملكوا تشريعات دماره التي ما زالوا يفعّلونها الى اليوم. فنجاح القطاع الخاص وتوظيفه للكويتيين يعني انحسار وساطات التوظيف بلا كفاءة ولا تأهيل، وانعدام الترقيات الاسترضائية للنواب، والغاء التسامح مع الاهمال الوظيفي أو سوء الانتاجية.
لاجل هذا فإن الواقع المرير لنواب الأمة سيحتم عليهم محاربة تحويل الكويت الى مركز مالي كما يتمنى صاحب السمو الأمير. ولعل فيما يفعلونه من مماطلة وتسويف وجدل لوقف التشريعات الضرورية لاحياء دور القطاع الخاص، لعل ذلك دليل بسيط على ما نقول.
وهكذا فلا مركز ماليا سنرى، ولا حكومة قوية سيسمح لها بالظهور والاداء، ومن ثم فسنستمر على طمام المرحوم نحصد ما بذرناه في هذا المجلس الذي انتخبناه، وهذه الديموقراطية التي ارتضيناها وهذه الممارسات النيابية التي يتخللها العفن.
أعزاءنا
كل الشعوب انتفعت بديموقراطياتها، وكلما زادت عراقة الديموقراطية كان عطاؤها اكبر واسمى، الا ديموقراطيتنا فلم نجن منها سوى فقاقيع لماعة لرموز وطنية سنفيق يوما على حقيقتها المخادعة، كما افاقت شعوب على حقيقة رموز كانت تهتف باسمها. والا معقولة بلد بعد مضي اربعين سنة ديموقراطية تصبح خدماته اسوأ من الخدمات قبل خمسين سنة؟!!!
تعليقات