البغدادي: العرب المسلمون يجاملون حد الزيف حتي لا ينعزلوا
زاوية الكتابكتب يونيو 13, 2007, 7:13 ص 511 مشاهدات 0
الإنسان
العربي المسلم يحتاج إلى عملية تناوب لبس الأقنعة الزائفة التي تمكنه من العيش ب¯
»سلام« في مجتمع يقتات النفاق والمجاملة السمجة والكذب الدائم, حيث يحتاج هذا
الإنسان إلى تحديد القناع المناسب لكل مناسبة. ألسنا بحاجة لاصطناع الألم والحسرة
على الميت عند العزاء, برغم أننا كثيرا ما نقوم بالتعزية لمجرد المجاملة, خاصة حين
لا تكون هناك علاقة قوية مع المتوفى? ألسنا بحاجة للبس قناع الأستاذ المتسم
بالتجهم, لكي نتعامل مع الطلبة وفقا لقاعدة »من علمني حرفا, كنت له عبدا«, في زمن
يعتبر فيه الرق والعبودية من مخلفات الماضي? ألسنا نتصنع ونضع قناع الجهل, حين
نتعامل مع الجهلة, لا لشيء سوى أنهم أكبر منا سناً? ألسنا نتشدق بالحديث عن
الديمقراطية, ثم نضطر للبس قناع »الاحترام« الزائف, حين نواجه صاحب العمر الطويل?
ألسنا نرتدي قناع الكذب حين تتم دعوتنا للصلاة, فنقوم بها بغير ما اقتناع, خوفا من
التكفير, أو العزلة الاجتماعية? ألسنا ندعي الصوم أمام الناس, حتى لو كنا غير
صائمين لسبب مرضي قاهر وتقره الشريعة الإسلامية? أليس صحيحا أننا لا نملك الشجاعة
الكافية لكي نقول للأعور, يا أعور, تأدبا, ثم نتحدث في الأمر من وراء ظهره? أليست
هذه الأقنعة الزائفة التي نرتديها أسلوب حياة لا نستطيع الفكاك منه, لنتمكن من
العيش من دون منغصات في مجتمع غير صادق وغير أمين في تقديم مشاعره في العلن? لقد
أصبحت هذه الأقنعة من لوازم الحياة اليومية للإنسان العربي المسلم, بحيث أصبحنا غير
قادرين على العيش من دونها. لقد أصبحت الأوكسجين اللازم لاستمرارية الحياة, للأسف
الشديد. ومن المؤلم أننا ننقل هذه »الخبرة« لأولادنا وأحفادنا, باعتبارها من
العادات والتقاليد, مما يجعلها تستمر في الدوران في حلقة مفرغة لا نهاية لها. وما
يجعل الأمر أكثر حزنا هو أننا لا نملك البديل, برغم معرفتنا به, لكن قوى المجتمع
الكاذبة والمنافقة, لا تترك مجالا لتغيير الاتجاه نحو اتجاه جديد أكثر صدقا وأمانة
في الأداء والتعامل الاجتماعي. العرب المسلمون, بصراحة لا يملكون الشجاعة اللازمة
لقول كلمة »لا«, في وجه المجتمع. والأسباب لذلك كثيرة ومتعددة, منها, خشيتنا من فرض
العزلة الاجتماعية علينا, في مجتمع يقوم على الجماعة بدلا من الفرد, كما يفترض.
وكذلك سيادة التوهم أننا لا نستطيع الحياة بلا قبيلة أو طائفة أو علاقات شخصية
قوية, لأننا لا نعيش في دولة قانون على وجه الحقيقة لا المجاز كما هو حاصل حاليا.
هذا إلى جانب ضعف دور الدولة في بناء شخصية المواطنة اللازمة للعيش الكريم في دولة
القانون, على الوجه الصحيح. يضاف إلى هذا البؤس الاجتماعي, غياب دور مؤسسات المجتمع
المدني من التعامل الحياتي للإنسان العربي. للأسباب آنفة الذكر أعلاه, سيعيش
الإنسان العربي المسلم من خلال هذه الأقنعة الزائفة, ذلك أنها تمثل السبيل الوحيد
لحياة اجتماعية آمنة. وبرغم أن هذا الأمان الاجتماعي ليس في الحقيقة, سوى وهم
أقنعنا أنفسنا به, لكن لا يبدو أن هناك بدائل في اللحظة الآنية, ولذلك فان أمام
الإنسان العربي ليل طويل من التعامل مع الأقنعة الزائفة.
السياسة
تعليقات