الجار الله: الفصل السابع يرعب النظام السوري

زاوية الكتاب

كتب 693 مشاهدات 0


اذا عرفنا ان المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة قتلة الحريري, والتي شكلها مجلس الامن بموجب المادة السابعة من الميثاق التي تعطيها صفة الالزام, من صلاحياتها استدعاء الرؤساء للمثول امامها... اذا عرفنا هذا الامر, سنعرف حتما اسباب هذا الجنون الامني الذي يعصف بلبنان هذه الايام. وكما يقولون اذا عرف السبب بطل العجب. فالنظام السوري الذي عمل المستحيل لوقف تشكيل هذه المحكمة بدأ يستشعر الآن ان سيوفها أصبحت مسلطة فوق رقاب اركانه, وان الشبهات ستنال من هذه الاركان, وان المريب الذي كاد ان يقول خذوني قد اصبح على وشك الانقياد الى المحاكمة بتهمة اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق واغتيال كوكبة من صفوف النخبة من بعده بحجة ارهاب لبنان, والحكومة اللبنانية, لتعطيل ارادة اللبنانيين في الوصول الى الحقيقة واعلانها, وبالتالي ترك العدالة تأخذ مجراها. ولاشك ان المحكمة الدولية ستؤمن للبنان مظلة تقيه من الاغتيالات, ومن اعمال التفجير الارهابية, ومن محاولات زعزعة استقرار مؤسساته الدستورية وتعطيلها, وبالتالي لجم يد النظام السوري من التدخل في شؤون هذا البلد وتحويله الى جحيم امني وسياسي. تشكيل المحكمة هو ما اثار نظام دمشق وأرعبه, وهو ما وضع هذا النظام في حالة استنفار لكل قدراته الارهابية وتسليطها على لبنان من اجل الانتقام من شعبه, ومن اجل اسقاط دولته, ومن اجل عودة نظام الوصاية اليه ليتحكم به وبشعبه, وليمتص آخر قطرة دم في عروق ابنائه. من هنا نستطيع قراءة التفجيرات الامنية المتنقلة في الارجاء اللبنانية, ومن هنا نفهم طبيعة التحرش السوري بأمن اللبنانيين, ومن هنا ندرك ما بذلته اجهزة المخابرات السورية من جهود لزرع العصابات الاصولية في لبنان تحت مسميات فتح الاسلام, وجند الشام, وعصبة الانصار, وانصار الله, والى ما هنالك من حثالات امنية زرعت في مخيمات الفلسطينيين بغرض الاعتداء على الجيش اللبناني وعلى اهل هذه المخيمات, ومن اجل زعزعة استقرار لبنان امنيا وسياسيا ودفع دولته الى حافة الانهيار. كل هذا يقدم عليه النظام السوري لتبديد مخاوفه من المحكمة الدولية, ولتهريب رئيسه بشار اسد من المثول امامها بتهم علنية فاضحة, رغم اصابة هذا النظام بالارتباك, ومسارعته الى اطلاق المواقف المتناقضة, ونفي علاقته بالمحكمة وبقتل الحريري, والنفي غير صحيح طبعا لانه نفي سياسي... وارتباك النظام السوري هذا هو الذي نرى انعكاساته الآن في لبنان بصورة امنية متوحشة ويائسة. كل الدلائل تشير الى مصدر الاضطراب, والمؤسف ان النظام السوري وجد من بعض اللبنانيين من يتضامن معه, ويخضع لسياساته ويلتزم بأوامره وتوجيهاته, اما لأن هذا البعض مضلل بالخطاب العروبوي المتوحش, او بالمثاليات والمطالب المزعومة التي يدعيها ويرفعها الشيخ حسن نصرالله, وهي مطالب ترتكز إلى ثقافات واساطير قديمة المفروض ان الزمن قد عفا عليها, وبالتالي لايجوز استحضارها من التاريخ الغابر لتكبيل الحاضر بها, وارتهانه لأطروحاتها وهي اساطير, كما يعلم الجميع, نشأت من الصراع على السلطات وأحقية الحكم والولاية. مع الاسف نجد في لبنان ايضا من تضغط عليه مصالحه السياسية فيبيع امن بلده, ويقبل بإشعال صراع سياسي داخلي فيه, متوحش ومشبوه, لايدفع ثمنه الا الشعب اللبناني الصامد والصابر والجالس على ارصفة الانتظار حتى تنقشع الغيوم السوداء عن سمائه وتمر الاعاصير من اجوائه. بموجب هذا الواقع المؤسف, وبمأجورية بعض اللبنانيين وارتهانهم للغير الاجنبي, تزدهر التنظيرات البائسة حول تقاطع المصالح, والقصة كلها, وبواقعها, تنفي وجود اي مصالح وطنية, وتؤكد على مأجورية وتبعية هذا البعض الموغلة في التهافت على الخارج والاستقواء به, والتي لاتملك في صدورها الدرجة المطلوبة من الامانة الوطنية... حزب الله وايران والنظام السوري لاتوجد مصالح متقاطعة فيما بينها كأطراف بل توجد املاءات ايرانية تخضع لها دمشق ويخضع لها الشيخ حسن, وهي املاءات تعبر عن رغبة طهران في مجاورة اسرائيل وفي جعل دمشق جسر عبور لهذا الجوار. بعد نفاذ قرار المحكمة الدولية لم يعد امام النظام السوري الا التخريب في لبنان وفي العراق, لتبديد مخاوفه من استدعاء رئيسه الى المحاكمة, واقامة حالة قانونية دولية غير مسبوقة تختلف تماما عن صراعات البلقان ومحاكمات رئيس صربيا سلوبودان ميلوسوفيتش الذي مات في زنزانة العدالة الدولية دون ان يأسف عليه احد.
السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك