سهر: فلنتعظ من قطر

زاوية الكتاب

كتب 941 مشاهدات 0


حدثني أحد الزملاء من إحدى الدول العربية عن خبرتهم في استشراء الجامعات الخاصة على نحو سريع والآثار السلبية المترتبة عليه، وقاس ذلك على ما يتم في الكويت. وفي خلاصة حديثه نبهني قائلا: ابشروا بمخرجات تعليم ورقية. استفسرت منه ما يعنيه بالمخرجات الورقية، فقال: أوراق تكتب عليها شهادات، وأوراق الدولارات. عرفت أن ما يعنيه هو تجارة العلم غير المشروعة، فمع الأسف هناك بعض ممن ينتسبون إلى الأكاديميين والتربويين يتخذون من إنشاء الجامعات الخاصة سبيلا إلى الاستغناء في ظل ارتباط وتداخل المصالح بينهم. أرجو من المسؤولين الانتباه إلى العلاقة بين المجيز لهذه الجامعات من النواحي الفنية والذين يتقدمون لإنشاء جامعات خاصة. كما أرجو من المسؤولين، وعلى رأسهم وزيرة التربية أن تنتبه إلى استقواء الجهة المناط بها استصدار التراخيص لهذه الجامعات، التي تحولت إلى وزارة في بطن وزارة. كما يتعين الانتباه إلى أن حالة الاستفراد التي يقودها البعض من خارج وداخل الوزارة بهذه الجهة، واستبعاد دور وكيلة وزارة التعليم العالي من الإشراف على اجراءات الحصول على التراخيص لإنشاء الجامعات لن تفوت، وأؤكد مرة أخرى أن هنالك عملية متابعة حقيقية لهذه الجهة ستجعل الوزيرة في محل الإحراج السياسي، الذي قد يرصده البعض! إن هذا النموذج النفعي الذي يتم تبنيه حاليا من قبل البعض المتنفذ من داخل وزارة التعليم العالي وخارجها، لن يقدم للكويت غير المخرجات الورقية كما سماها زميلنا. بينما علينا احتذاء النموذج القطري الذي من المتوقع ان يحول هذه الدولة الصغيرة الى مجمع للجامعات العالمية ومنتدى للمتعلمين وكنز لمخرجات تعليمية قائمة على أسباب المنهج الاكاديمي. ففي قطر توجد المدينة التعليمية أو ما يطلق عليها المنطقة الحرة للتعليم. وفي هذه المنطقة تم استجلاب أفضل الجامعات العالمية مثل كورنيل في الطب وتكساس أم في هندسة البترول وجورج تاون في العلاقات الدولية، وغيرها من الجامعات كل في حقل الريادة الذي يتميز به، كما تم انشاء بعض المدارس التي تقدم تعليما راقيا للمتميزين من أبناء قطر حتى يستطيعوا الحصول على قبول هذه الجامعات وغيرها من الجامعات العالمية الراقية وقد نجحوا في ذلك. وإلى الجانب الآخر تم تبني ما يسمى بالجسر التعليمي الذي من خلاله يتم تأهيل خريجي الثانوية العامة في المدارس العادية، كي يستطيع الحصول على أعلى قبول في هذه الجامعات الراقية وفق الشروط التي تطلبها دون استثناء. فالحكومة القطرية لم تطلب الاستثناء للقطريين مقابلا لوجود هذه الجامعات، وهو أمر في غاية الحصافة، لكي لا يتحول وجودها الى حضور اسمنتي يخرج أوراقا مقابل أوراق. وعندما سألت احد المسؤولين عن المقابل الذي تتوقعه الحكومة القطرية، لصرفها كثيرا من الأموال على الأجانب الذين يدفعون رسوما أقل من التكاليف الحقيقية، قال لي، إن وجود هذه العينات المتميزة من الطلبة وبعد تقديمنا لهم قرضا تعليميا يسدد بعد تخرجهم شريطة العمل في قطر، تتراوح مدة مكوثهم في قطر بين عشر سنوات وخمس عشرة سنة بعدها نستطيع ان نقرر مدى حاجتنا الوطنية إلى هذه الكفاءات فيخير بين منحه الجنسية، والبقاء للعمل كمقيم أو الرحيل. وفي كل الحالات نكون خدمنا دولتنا من خلال توفير طاقات بشرية مدربة للعمل في بيئة عرفوها جيدا، أو توطين العقول الخلاقة التي تنفع دولتنا على المدى البعيد. ويضيف: من المتوقع بعد نجاح التجربة ان تتحول قطر الى دولة تزخر بالجامعات العالمية الراقية ليتوافد اليها الطلبة في المنطقة، وهذا بدوره ينشط الحركة التنموية والاقتصادية. هكذا هو النموذج القطري الذي يقوم على استراتيجيتين: قريبة الأجل وبعيدة الأمد، تصبان في محصلتهما النهائية في مصلحة البلد. ومقارنة بما لدينا يؤسفني القول ان البعض يود أن يحول التعليم من سلعة استراتيجية للوطن الى سلعة تجارية لماركته المسجلة في قيد المتمصلحين.
الوسط

تعليقات

اكتب تعليقك