أنور الرشيد يقول أطمأنوا فإن مصر بخير فأربع صقعات تكفي لفهم الواقع المصري ؟!
زاوية الكتابكتب ديسمبر 17, 2011, 9:39 م 1497 مشاهدات 0
شاركت في بادرة هي الأولى من نوعها في مصر بمراقبة الإنتخابات المصرية التي جرت في يوم الرابع عشر من ديسمبر الجاري كمراقب دولي ، و بحكم دراسي في جامعة القاهرة التي درست بها من عام 1977- 19981 و عاصرت التحولات التاريخية بتلك الفترة الذي شهدته منذ أنطلاقة أنتفاضة الحرامية التي أسماها السادات و التي أسماها الشعب المصري أنتفاضة الخبز و فترة التحول التي قام بها السادات من العربية للعبرية أي أتفاقية السلام و ما صاحبها من أنقطاع في العلاقات المصرية العربية و عاصرت المعاملة لنا كعرب دارسين بالجامعات المصرية و ما صاحبها من مضايقات مغيته من الأمن المصري و صحافة السادات التي كانت تشنع بالمنقاطعة العربية حتى وصل بهم الأمر أن يحاولوا أقناع الشعب المصري بأنهم فراعنه و ليس عرب ، و شاهدت عملية أغتيال السادات على الهواء مباشرة ، و تكررت زيارتي لمصر بعد التخرج بالكثير من الزيارت و لكني لم الحظ طوال تلك الفترة التي أمتدت قرابة الثلاثين عاما أي تغير غير زيادة معانة الشعب المصري و قد وصل به الحال حد الأختناق و كانت بوادر الأنفجار يتلمسها المواقب و لكن لا يستطيع أحد أن يحدد متى ؟ و أين ؟ و كيف ؟ فحال الشعب المصري كانت في غاية السوء و العوز ، حتى أنعكس ذلك على تصرفاتهم و سلوكهم اليومي ، و لكن اليوم و بعد زياتي لمصر لمراقبة الإنتخابات خرجت بأنطباع مختلف جدا عن ما عايشته في سنوات الدراسة و ما بعدها أو في زياراتي المتكررة لمصر ، لحسن حظي عندما أجتمعنا في مقر مؤسسة ماعت للسلام و التنمية و السلام بصفتي نائب رئيس شبكة الإنتخابات في العالم العربي و أحد المراقبين الدوليين مع مجموعة من أعضاء الشبكة لكي نستلم تصاريح المراقبة و تنسيق المواقف و توزيع الأدوار و توزييع فرق العمل ، رافقني بالمراقبة دكتورة هدى علي أستاذة القانون في جامعة عدن و السيدة الهام أحمد محكمة دولية في شئون الأستثمار من السودان و كانت محطة المراقبة التي وقع حظنا بها هي في بلدة العياط في محافظة الجيزة تبعد بالسيارة عن القاهرة قرابة الساعة و النصف إلى ساعتين و تعتبر من البلدات النائية و التي تعتمد على الفلاحة و أهلها ناس بسطاء جدا ، و لا شك بأنك عندما تدخل بلدة نائية و بشكلنا الغريب على أهل البلد تلفت أنتباه الكل و الجميع ينظر لنا بنظرة غريبة متسائلين من هؤلاء الغرباء عن البلدة ؟ و نجيبهم بأننا متابعين دوليين لسير الإنتخابات ، و بهذه المناسبة فأن اللجنة الإنتخابية العاليا المصرية هي اللجنة الوحيدة بالعالم التي تسمي المراقبين الدوليين متابعين فأنا راقبت أنتخابات بالعديد من دول العالم و لم أصادف دولة تسمي المراقبين بمتابعين إلا في مصر و عندما سألنا قيل لنا بأن القاضي يراقبه ضميره فقط لذا تم أخيار كلمة متابع لكي يتابع سير عملية الإنتخاب فقد و لا يراقب و هي فلسفة معقول و منطق مقبول ، المهم أني كنت مهتم جدا بمعرفة رأي كبار السن بالإنتخابات حيث كنت التقط منهم نبظ الشارع المصري الحقيقي ، و سنحت لي الفرصة بأن اسأل سيدة فلاحة بسيطة و هي تهم بدخول المقر الإنتخابي و قلت: لها مالذي تفعلينه هنا فارتبكت و نظرت لمرافقنا المكلف من قبل مؤسسة ماعت بمرافقتنا بأرجاء البلدة و الذي هو أصلا منها و قال: لها تكلمي يا ست متخافيش دول جاين لمساعدتنا و قالت: أنا جاية لأستخدم حقي فهذه أول مرة أشعر بأن لي صوت و مش راح يروح هدر صعقت في الحقيقة من هذه الأجابة فقلت: لها و أن راح صوت هدر قالت: مش حنتخب تاني اللي صوت له ، فزادت صقعتي صقعة فقلت : لها لازم تتابعي اللي صوتي له أن معملش كويس غيري تصويتك في المرة القادمة و قالت: أمال أيه مش حسيبوه ، و في لجنة أخرى التقيت مع فلاح كبير بالسن تبدو على محياه علامات الفرح و هو ينظر لأصبعه المغموس باللون البنفسجي فدنوت منه و قلت: له ها يا حج كيف رأيت الإنتخابات ؟ فقال هل تعرف أن هذه أول مرة بحياتي أحس بأني عملت حاجة صح ! فتلقيت الصعقة الثالثة ، و خرجا من هذه اللجنة إلى لجنة أخري و كان من البرتكول بحكم أني رئيس الفريق أن أعرف نفسي و فريقي للقاضي الذي يرأس اللجة و أقدم له هوية المواقب و قلت له أنا أنور الرشيد من الكويت و هذه الدكتورة هدى علي من اليمن و هذه السيدة الهام أحمد من السودان و بطبيعة المصرين المرحة نهض من الكرسي و قال: الله الله الله جايبين جامعة الدول العربية وإلا أيه يا جماعة !؟ و هو يضحك فقلت: له لا يا سيدي نحن مراقبين أو متابعين يا سيدي فهل تسمح لنا أن نقف خمس دقائق ؟ فقال : أنا اريد أن اسألكم سؤال أنا مصري أب عن جد و لما بلغوني بأني سأكون بهذه القرية النائية صار لي يومين الف عليها على ما حصلتها أنتم كيف وصلتوا لها ؟ فقلت: له عن طريق الجي بي أس فضحك و قال و الله دية مش حتلاقيها بالجي بي أس و لا بالبي أس و لا بالسي أن أن و متنا من الضحك و أكرمنا في الحقيقة و كان متعاونا جدا و الحماسمة تملء اوداجه و كان صارما و تشعر بأنه يريد أن تكون هذه الإنتخابات نزيهة و للأمانة كل القضاة التي تشرفت بلقائهم و الذين مثلوا أربعة و أربعين لجنة مررنا عليهم كفريق كان الحماس باديا عليهم و الصرامة بالتقيد بأصول الإنتخابات شاهدتها بنفسي عندما رفض أحد القضاة أن يسمح لسيدة منقبة أن تدلي بصوتها دون أن تكشف على شخصيتها فقال: لها أن اللجنة ليس بها نساء ضمن طاقم اللجنة و أن كنتي تريدين أن تصوتي عليك أن كتشفي لي وجهك و وافقت السيدة و كشفت وجهها له من خلف ستار التصويت و سمح لها بعد ذلك بالتصويت ، ما شعرت به بجولتي بهذه القرية النائية لم أكن أشعر بها عندما كانت تجرى أنتخيات في مصر أثناء دراستي ففي سنة من السنوات أجريت أنتخابات في مصر و سألت أحد المعيدين هل ذهبت للإنتخابات فقال: أنتخابات أية اللي بتتكلم عنها ؟ و في هذه الإنتخابات قال: لي سائق السيارة التي أقلنا من الفندق في الساعة الخامسة صباحا أنتوا اليوم دة حظيعوا علي صوتي و هو شاب بسيط فرديت عليه و قلت له و يهمك أية بالإنتخابات لكي أستفزه فقال: باللهجة البلدي أى يا سدنا ده صوتي مش حفرط فيه فجاءت الصاعقة الرابعة مدوية بثنايا مخي و مخيخي ، الخلاصة من تلك الجولة الريفية بين البسطاء أعطتني شعور بأن مصر بخير بكل صدق و أن الشعب المصري لن يترك أحد بعد الأن أن يستفرد به فقد جرب كل أنواع الأستبداد من فرعون إلى حسني مبارك و أنا على ثقة تامة بأنهم سوف يقلبون الطاولة على أي حزب سيُدير مصر و بكل تأكيد لن يكون بصالح الأخوان قيادة مصر بهذه المرحلة فالأخوان و السلف اليوم منتشون بنصرهم و لكنهم في الحقيقة سيواجهون الواقع الصعب في القريب العاجل ، فأن تشددوا و طبقوا الحدود الشرعية كما يقولون الأسلام دستورنا سيواجهون الواقع الصعب و أن ارادوا تخفيف الضغط و تحقيق أنجازات على الأرض سيحتاجون إلى عشرة سنوات لكي يحققوا شيئ ملموس للشعب ، لذا أتوقع أن يقلب عليهم الشعب الطاولة بصناديق الأقتراع في الأنتخابات القادمة أن لم يحققوا أنجاز كبير و ملموس و فعلي ، لذا أجزم بأن هذه الروحية التي لمستها من البسطاء ستكون هي المحرك الحقيقي للتغير في مصر لأي حزب سيسيطر على السلطة.
تعليقات