مؤكدا رفضه تسييس القبيلة، وتصدُّر شيوخ القبائل المشهد السياسي..محمد الوشيحي يثني على العملاقين الفضالة وجوهر لدورهما فى إطفاء البركان

زاوية الكتاب

كتب 4747 مشاهدات 0





آمال
جوهر والفضالة والجدران المشققة
محمد الوشيحي
 
التاريخ مستعجل دائماً. وراه شغل. لا وقت لديه للتوقف عند التوافه والصغائر. ينظر إلى الأعلى دائماً. وإذا لم ترتفع الأفعال والأحداث إلى الأعلى فلن يراها، وإذا لم يرتفع شخص إلى الأعلى فلن يراه. هكذا هو التاريخ... عملاق مغرور.

وبالأمس، شاهد التاريخ عملاقين طاولاه في القامة، فانبهر وتساءل عنهما وعن كل هذه الجموع الواقفة لهما تلوّح بالعقل (جمع عقال)، وتهدر مرحّبة بهما، فقيل له: هذان حسن جوهر وخالد الفضالة أتيا من الضفة الأخرى للبركان ليساهما في إطفائه. فأخرجَ قلمه وسجّل بيد مرتجفة: 'لله درّهما'.

أثناء تجمع العقيلة، وبعده، سمعتُ من المتجمهرين من أبناء القبائل بحق جوهر والفضالة من الثناء والإعجاب ما يقشعر له البدن، عندما أدرك هؤلاء المتجمهرون حجم المغامرة القاتلة التي أقدم عليها البطلان، جوهر والفضالة، اللذان لم يراجعا ميزانية الأرباح والخسائر.

وصحيح أن عدداً من الشيعة ذهبوا إلى ما ذهب إليه جوهر، ومنهم عضو لجنة الإنقاذ الوطني المحامي عبدالكريم بن حيدر، الذي نحييه، والمبدع عريف التجمّع منذر الحبيب، وآخرون... وصحيح أن عدداً من الحضر أيضاً ذهبوا إلى ما ذهب إليه الفضالة، ومنهم النائب عبدالرحمن العنجري الذي تحدث في تجمع العقيلة وأعلن التزامه بمطالب اللجنة، والكاتب أحمد الديين الذي قدّمه العريف باسم 'قلم الدستور'، وهو كذلك فعلاً، والمخضرم عبدالله النيباري الذي حملته الجموع على أكتافها، وكانت تبحث عن خالد الفضالة لتحمله أيضاً...

كل هذا صحيح، لكن الغريب، وغير الصحيح، أن يتعرض هذان الرجلان، تحديداً، لحرب قذرة، وقصف بالقنابل المحرمة، تركزت فقط عليهما! والمؤلم أكثر أن لا يتصدى للدفاع عنهما إلا قلة قليلة من أصدقائهما 'الخلّص'. قلة حافظت على 'الخوّة' - سواء آمنت أم لم تؤمن بما قاما به - وأدركت سر الحملة المنظمة ضدهما، وقررت - هذه القلة - أن تقف إلى جانبهما وتدفع 'ضريبة الخوّة'... وهنا المعادن.

وإذا كانت الحشود قد رددت في تجمع العقيلة بصوت أرعب قبائل الجن في بيوتها تحت الأرض: 'أشّر وابشر يا السعدون، أشّر وابشر يا السعدون'، فنحن نقول للفضالة ولجوهر: 'أشّرا وابشرا'. وإن تخلى عنكما بعض الأصدقاء وسقطت بعض الجدران التي كنتما تتكئان عليها، فنحن لكما جدران لا تسقط، مهما كان الثمن، ومهما كانت النتيجة.

تبون الصدق والا ولد عمه؟ بحثت في وسائل الإعلام عن أصدقاء هذين البطلين لأتابع ردات فعلهم في هذه المعركة غير المتكافئة فانقلب إليّ بصري 'خاسئاً وهو حسير'، كما تقول الآية القرآنية. مع الأسف... وإن كان البعض أعلن تأييده لهما بصوت هامس، بعد أن غطّى فمه بيده كي لا يراه الناس وهو يتحدث، فهو تأييد لا يساوي في سوق الرجال ربع درهم... يا سيدي، إما أن تجهر بصوتك عالياً وتعلن تأييدك لهما، أو فارحمهما من الهمهمات والغمغمات.

وهنا أتذكر موقف زميلي في هذه الجريدة، سعد العجمي، عندما أعلنتُ رفضي تسييس القبيلة، ورفضي تصدُّر شيوخ القبائل – مع التقدير لهم - المشهد السياسي لمجرد أنهم شيوخ... أعلنت ذلك، فزلزلت الأرض زلزالها، واهتزت وارتجّت من تحتي، وتعالت أصوات الرعد القبلي الأصولي، وأمطرت السماء على رأسي صرخات الغضب، وتشققت بعض الجدران التي كنت أتكئ عليها، وانسحب بعض مَن كنت أظنهم لن ينسحبوا أبداً، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

في اللحظة هذه، وأنا محاصر من الجهات السبع، سمعت صوت سعد يقول: 'أنا مع محمد الوشيحي'، وتجمهر حولي مجموعة من شباب القبيلة، بعضهم أعرفه، وأكثرهم لا أعرفه، وأعلنوا استعدادهم للتوقيع على ورقة: 'نحن فلان وفلان وفلان، مع محمد الوشيحي في ما ذهب إليه'.

ولم أتمنَّ أن أكون حضرياً أو شيعياً كما تمنيت في هذه اللحظة، كي أكتب على سور منزلي من الخارج: 'أنا مع جوهر والفضالة'.

 

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك