متطرفو مجلس الأمة يريدون فرض فكر دخيل على الكويت.. النيباري مستنكراً

زاوية الكتاب

كتب 1441 مشاهدات 0


القبس

المتطرفون يريدون فرض فكر دخيل على البلاد

عبد الله محمد النيباري

 

انهى ملتقى النهضة الشبابي، الذي عُقد بجمعية الخريجين (23 - 25 مارس)، اجتماعه بنجاح باهر، على الرغم من معارضة اصحاب الفكر الديني المتطرف، الذين طالبوا بمنعه، فانصاعت لهم وزارة الداخلية، ورضخت بتصرف مهين، واصدرت قرارا بمنعه، عندما كان مقررا ان ينعقد في احد فنادق الكويت، وبالمخالفة لكل اعراف الكويت وتقاليدها باعتبارها بلد الحريات الذي ينظم ممارساتها دستور البلاد، وقوانينها وزارة الداخلية. بلا سند من القانون.
بهذا التصرف الرعديد، خالفت الدستور، وداست على القانون، وصادرت حريات الناس، وخضعت خائفة لضجيج فئة المتطرفين اصحاب التشدد والتزمت، الذين ما زالوا يصرون على ان الارض مسطحة، وغير ذلك مخالف لشرع الله!
اجتماع الكويت هو الثالث لملتقى النهضة الشبابي، فقد عقد قبل ذلك في البحرين وقطر، من دون اتخاذ اجراءات المنع.

بداية الاعتراض
الاعتراض على الملتقى جاء من طرف علماء السعودية، بإصدارهم بياناً وقع عليه 36 عالما، هاجموا فيه الملتقى والمشاركين فيه، «لأن موضوعات المؤتمر تدور حول قضايا خطيرة ويصدرون لشباب الامة وهماً بهذا التوجه والانحراف، وان عناوين الاوراق المعلنة تتضح فيها الابعاد العلمانية، والتأويل للشريعة واحكامها، ومن ذلك «ورقة مقاربة المجتمع المدني والديني»، وهذا يبين ان مقصود الملتقى في المجتمع المدني، هو المجتمع العلماني المنابز للشريعة». وايضا يقول البيان ان «ورقة سيادة الامة قبل تطبيق الشريعة»، و«ورقة تمكين المرأة في المجتمعات الخليجية»، وهو في نظرهم مفهوم غربي علماني، و«ورقة التفكير العلمي والمجتمع المدني»، دليل على التوجه المنحرف. واضاف البيان «ان مما يؤكد انحراف البرنامج ما يتوقع الاختلاط بين الرجال والنساء، كما هو عادته السابقة»، وأبدى البيان اسفه، لأن هذا اللقاء الذي ينعقد تحت شعار «المجتمع المدني الغاية والوسيلة»، ويشارك فيه عدد من الشباب والفتيات تحت اشراف بعض المشايخ، وربما كان المقصود من المشايخ المشاركين في اللقاء، هو الشيخ سليمان العودة والداعية د. طارق السويدان.
رأي علماء السعودية أمر متوقع تجاه اي نشاط فكري او ثقافي قد يحمل ادنى ما يخالف رأيهم، حتى لو كان التطرق لبحث المجتمع المدني.
ومما يؤسف له تطرق بيان العلماء للأشخاص المشاركين في الملتقى، واصفا اياهم بأن منهم الملحد والنصراني والرافضي والمستشرق والعلماني والليبرالي، ومنهم المستشرق ستيفان لاكروا والرافضي توفيق السيف والرافضي عادل اللباد وهالة الدوسري والرافضي وليد السليس، ومنهم د. خالد الدخيل لإزالة العلمانية، والكاتب عبدالله المالكي».
وأضاف: من ضيوف الملتقى الليبراليان د. شفيق الغبرا ود. غانم النجار، الذي قال بعدم جواز الأحزاب الدينية.

تحذير
وكان مستغرباً تطرق بيان العلماء الأجلاء ونزوله لتجريح الأشخاص، ومنهم شخصيات علمية أكاديمية تدرس طلبتنا في الجامعات، فالدكتور خالد الدخيل أستاذ في جامعة الرياض وكاتب أسبوعي في جريدة الحياة، التي يملكها أحد كبار الأسرة الحاكمة في السعودية، والدكتوران شفيق الغبرا وغانم النجار أستاذان في جامعة الكويت.
وحذر البيان في ختامه الشباب والفتيات من هذا البرنامج وأمثاله، وأنه لا يجوز حضور مثل هذه الملتقيات، لما تتضمنه من مُنكرات، ويدعو المنظمين والمشرفين على هذااللقاء ان يتقوا الله ويحذروا من سخطه، لأنه تعاون على الإثم والعدوان. في الكويت تلقف أصحاب الفكر المتطرف، تناول عدد من الكتاب السعوديين التعليق على ما سمي بالمعركة الشرسة لمنع حدوث اللقاء.
وعلق الكاتب محمد العصيمي في جريدة اليوم السعودية (2012/3/24) قائلاً: ليسمح لنا أصحاب الرأي الآخر المعارض لإقامة ملتقى النهضة في الكويت بإ بداء رأينا المؤيد لإقامته، فما قامت أمة ولا تقدمت من دون تعارض الآراء وقبولها على محمل حُسن النية من الجميع، وان المعركة الشرسة لمنع اللقاء مببراتها لا تخلو من الضعف وسوء الفهم لموضوعاته وأهدافه...، من بينها مشاركة أشخاص من مشارب مختلفة، دينياً ومذهبياً وفكرياً، وأنه يخلط في الحضور بين الرجال والنساء.
وأضاف: «ان ما نعرفه ان المملكة ذاتها تتبنى حوار الأديان، وهي سعت إليه سعياً حثيثاً، على طريق هذا الحوار المهم والمتقدم، حضوراً دولياً رفيعاً كسب احترام وتقدير فرقاء الأديان».

المجتمع ينتصر
وفي مقالة بجريدة الحياة (2012/3/25) السعودية، أشار إلى عناوين الصحف الكويتية في تناولها للقاء، كما جاء في صحيفة الجريدة «المجتمع المدني ينتصر لحرية الرأي والتعبير، وموقف جمعية الخريجين رسالة تحد واضحة في وجه من أراد أن يستخدم المؤتمر لترسيخ ثقافة الإقصاء تحت شعارات لا أساس لها من الدين ولا من القيم الإنسانية».
إذا كان ما جاء في بيان علماء السعودية أمرا متوقعا بحكم أنهم معروفون بتبنيهم الفكر المتشدد في قضايا الإسلام، لكن المستغرب هو فزعة جماعات الفكر المتشدد في الكويت الذين انصاعت لهم وزارة الداخلية وخضعت لنداءاتهم، فكيف نفسر موقف السادة أعضاء مجلس الأمة الكويتي الذين أقسموا على احترام الدستور وقوانين الدولة والذود عن حريات الشعب ومصالحه وآماله. ودستور الكويت هو دستور لإقامة الدولة المدنية نصت عليه المادة السادسة «نظام الحكم في الكويت ديموقراطي السيادة فيه اللأمة مصدر السلطات جميعاً، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا
الدستور، اذن نظام الكويت السيادة فيه للامة لا لشيء اخر، واذا كان ذلك يخالف اجتهاد علماء السعودية، فهو امر يتمسك به اهل الكويت، وهذا الاختلاف مع تفسير علماء السعودية امر ليس بجديد في تاريخ الكويت يشهد بهذا الخلاف الذي اتخذ طابعاً فكرياً وحربياً، فمعركة الجهراء خاضها الكويتيون ضد هجوم الوهابيين ع‍لى الكويت بقيادة قائد الاخوان فيصل الدويش ومعركة الجهراء هي اكبر واهم معركة في تاريخ الكويت كانت من اجل المحافظة على كيانها وتقاليدها وممارسة اهلها لدينهم حسب فهمهم له.

تشدد
والهجوم على الكويت في معركة الجهراء التي كان هدفها فرض الفكر الديني المتطرف لاعادة الكويتيين الى الاسلام، وبمعنى اخر «اخضاعهم لتصورهم المتشدد في فهم الاسلام» د. خليفة الوقيان كتاب الثقافة في الكويت «ويشير الوقيان الى ما ذكره مؤرخ الكويت عبدالعزيز الرشيد الذي شهد معركة الجهراء الى ان منديل بن غنيمان.. النائب عن قائد الاخوان فيصل الدويش قال للشيخ سالم حاكم الكويت ان الدويش يريد مسالمتكم، وهو يدعوكم الى الاسلام وترك المنكرات والدخان والى تكفير الاتراك». واذا كانت معركة الجهراء اكبر معارك الكويت، فقد سبقتها محاولات من قبل الوهابيين لفرض فكرهم على اهل الكويت الذي لم يجد قبولا بل مناهضة اتسمت بالحدة في الكثير من الاحيان.
والمتطرفون الكويتيون وعلى الاخص اعضاء مجلس الامة يريدون اعادة الكويت الى معركة الجهراء وما قبلها لفرض فكر دخيل وطارئ على الكويت ومناقض لفكر اهلها وتدينهم وتقاليدهم السمحة.
لقد نجح ملتقى النهضة وسارت اعماله بكل رقي حضاري ومن اهم معالمه ذلك التنوع نساء ورجال من كل المذاهب، شارك فيه شباب من التيار المتحرر ومن التيارات الاسلامية شيعة وسنة، وهي اهم انجازاته، وكما قال عريف الندوة الاولى سعد ثقل العجمي ان انعقاد الملتقى يؤكد ان شمس النهضة ستبدد ظلام الفكر الجامد المتشدد.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك