عن 'إيران فوبيا'!.. يكتب سامي خليفة

زاوية الكتاب

التطور التنموي الهائل الذي وضع الشعب الإيراني بمصاف شعوب الدول المتقدمة علميا وتكنولوجيا وصناعيا وطبيا وبيئيا وفي كافة مجالات الحياة

كتب 2762 مشاهدات 0


الكويتية

إيران فوبيا..!

د. سامي ناصر خليفة

 

ما يؤسف أن نجد انتشار ظاهرتي «الحقد» و»الكراهية» عند شريحة كبيرة من الشخصيات القيادية في المعارضة السياسية هنا، التي ابتُليت بالنَفَس الإلغائي والإقصائي في منهجيتها السياسية، وطبيعة تعاطيها مع الشأن العام والحراك الإصلاحي في الكويت، مما شوّه صورتها واجتث هيبتها. وما يبعث على القلق أكثر أن أعراض تلك الظاهرة النفسية الغريبة استشرت عند هذا البعض لتجتاز الحدود الكويتية إلى دول الجوار الجغرافي -وتحديداً الجارة إيران- تحت ذرائع وتبريرات شتى، يجمعها كلها منطلق واحد وهو «الحقد» و»الكراهية»!
فتجد هذا المبتلى بمرض «الحقد» و»الكراهية» لإيران يتفنّن في إلقاء جل مصائبه ومشاكله وأزماته عليها، وعندما يتحدث ناقداً لهذا البلد تجده يمارس الفجور في الخصومة.. فيُهول صغائر الأمور، وينبش في أي زلة هنا أو هناك ليتشبّث بها، ثم يبحث عن «أشنع» الكلمات و«أسوأ» الألفاظ ليصف بها رأيه تجاه أي موقف إيراني مختلف، فقط لأنه لا ينسجم واعتقاده أو فكره أو رأيه، وقد لا تكون هناك قيمة تُذكر لهذا الموقف أصلاً، وكلنا يعرف أن عالم السياسة اليوم فيه كم كبير من التشابك أو التباين في الرؤى والمصالح بين دول المنطقة وشعوبها، بل هناك تعقيدات كثيرة بين المنافع والمكاسب التي تُؤثر سلباً أو إيجاباً على شكل العلاقة بينها، فلماذا يكون النقد قاسياً والكلمات غاية في «البذاءة»، إذا كانت الجهة المُنتقَدة (بفتح القاف) هي إيران؟!
إنها «إيران فوبيا» التي تجعلهم يتجاهلون قواعد عسكرية لدول غربية في بلادهم، ليقيموا الدنيا بمن فيها ويستخدموا أقوى أداة دستورية في المحاسبة.. فيضيّعوا وقت الحكومة والمجلس في استجواب باهت، فقط لأنهم اكتشفوا شكلا يشبه علم إيران طُبع على علبة محارم (كلينكس)!
إنها إيران فوبيا التي دفعتهم لتوجيه أسئلة برلمانية تطلب تفسيرا من الوزير المعني لنشاط موسيقي لطلبة إحدى المدارس، استخدمت فيه آلة فلكلورية هي «الهبان»، معتبرين الأمر «غزوا» ثقافيا إيرانيا!
إيران فوبيا التي تُنسيهم حجم التطور التنموي الهائل الذي وضع الشعب الإيراني بمصاف شعوب الدول المتقدمة علميا وتكنولوجيا وصناعيا وطبيا وبيئيا وفي كافة مجالات الحياة، ليتذكروا فقط أنها «فارسية»، «مجوسية»، «صفوية»! وهي تُهم تدل على سطحية مروجيها، والأمراض النفسية التي يعانون منها، والبعدين الطائفي والعنصري اللذين ابتلوا بهما، بل ويدل على تفاقم عقدة «الكراهية» التي ابتلوا بها، أعاذنا الله سبحانه وتعالى وإياكم منها!
والأدهى والأمر من ذلك كله، حين يشكك هؤلاء بولاء المواطنين الذين يخالفونهم الرأي، ممن يجدون في الجارة إيران عنواناً للقوة والمكنة، ونموذجاً للتنمية والتطور، وممن يدعون إلى تفعيل قنوات التواصل مع هذا الجار القوي بهدف جلب المنفعة المتعلقة بأمن واستقرار بلادنا وتطور التنمية فيه، هذا التشكيك -للأسف الشديد- بُني على تأصيل خطاب الكراهية، ودفع المجتمع الكويتي إلى الانقسام، وفكك الوحدة الوطنية ونال من السلم الأهلي، لا لشيء سوى إشباع رغبات «شيطانية» عند هذا البعض المبتلى بإيران فوبيا!
إنها معضلة تتطلب مواجهة جماعية للحد من تبعاتها، فلابد لأعضاء الحكومة والمجلس من تفعيل قانون تجريم الكراهية فورا، وتطبيق نظام العقوبة على تلك الشريحة المبتلاة بهذا المرض، كي لا يعيش المجتمع تحت رحمة أغراضه الغاية في السلبية، وعلى المجتمع أن يعي أهمية المساهمة في الانفتاح على الآخر -إيران كانت أم غيرها- وإجادة فن تفعيل المشتركات، وإهمال المختلفات بما فيه خير وصالح بلادنا، فما أسهل الهدم وما أصعب البناء.
والأهم من كل ذلك هو تعزيز التعاليم الإسلامية الحقة التي تمثل المشاعر الوجدانية القيمة الإيمانية الدافعة لها، والقائمة على الأخلاق الحميدة التي تستبدل بالكراهية الحب، وبالحقد المودة، وبالبُغض الرحمة والشفقة، وبالتطرف الوسطية، وبالتعصب الاعتدال، حينها لن يجد هذا المرض موقعا في بلادنا، ولن يستطيع هؤلاء تقديم نموذج مشوه لأخلاق شعبنا كما هو حالهم اليوم.

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك