يكتب خالد الجنفاوي عن أسهل طرق تهميش أو إسكات الرأي الآخر!

زاوية الكتاب

كتب 773 مشاهدات 0


السياسة

حوارات  /  التبعية الملفقة: فلان محسوب على فلان!

د. خالد عايد الجنفاوي

 

أسهل الطرق لتهميش أو إسكات الرأي الآخر هو اتهام صاحبه بتبعيته لطرف سياسي أو اجتماعي معين, أو محسوبيته على فلان من الناس! فخلال لحظات قليلة وبتعميم ظالم وملفق يتم قولبة الرأي الآخر وتصويره بأنه حتماً يمثل جهة سياسية او فكرية معينة, ولذلك هو حري بعدم الاهتمام والتقليل من قيمته الفكرية والسؤال الذي يطرح نفسه في السياق الديمقراطي الطبيعي هو: لماذا يتفادى البعض حوار من لديه رأي آخر مختلف عن آرائهم بتصنيفه ظلماً وبهتاناً بأنه يمثل جهة أخرى? اعتقد أنه يوجد فعلاً بعض آراء ومواقف فردية مؤدلجة للغاية, تمثل جهات فكرية معينة, ولكن أغلب الآراء الفردية في البيئة الديمقراطية الطبيعية تمثل أصحابها, أي كل إنسان في البيئة الديمقراطية النمطية محسوب على نفسه. ولكن رغم ذلك, يمارس بعض من لم يقتنعوا بعد بمتطلبات ممارسة حرية الرأي والتعبير المسؤولة, مزاجية شخصانية في إلغاء مشروعية الرأي الآخر المخالف وبشكل سطحي: “فلان يمثل الجهة الفلانية, أو محسوب على هذا أو ذلك الشخص النافذ”.
لا ينفع في الديمقراطية الحقيقية التعنت والتعامل الشخصاني مع الآراء المختلفة, فكل أعضاء المجتمع أحرار في اعتناق وإبداء آراء حرة ومستقلة وسلمية, ربما لا يتفق بعضها مع آراء الأغلبية او الأقلية, ولكن من الظلم نعت كل الآراء الأخرى بأنها لابد ان تمثل جهة معينة, مع أنه لا يوجد دليل فعلي وبرهان منطقي يؤكد هذا النوع من الاتهامات الشخصانية الملفقة.
رأيي الحر والمستقل ملكي أنا فقط كفرد وليس ملك شخص آخر, وإذا توافقت بعض أفكارنا ونقاشاتنا حول بعض القضايا المحلية, لا يعني هذا بالضرورة أنني أمثل جهة أو شخصاً نافذاً أو جهة فكرية بذاتها, فأقل ما يوصف به هذا التصنيف الظالم للرأي الحر أنه تصنيف سطحي ينبع فقط من عقل لم يترسخ فيه احترام حرية الاختلاف في الآراء.
لا يمكن, بالطبع نفي وجود بعض ظواهر التحزب والقبلية والطائفية والطبقية السلبية في أي بيئة ديمقراطية, ولكن لا يعطي هذا البعض الحق في التعامل الطفولي والمزاجي مع حرية الرأي والتعبير, فيمكن فعلاً أن يوجد في أي بيئة ديمقراطية أفراد مستقلون يمثلون أنفسهم فقط, ولا علاقة لهم من قريب او من بعيد بهذا التجمع السياسي او الفكري او الحزبي او تلك الأيديولوجية, وهذا ما لا يريد أن يفقهه بعض ضعفاء الحجة.

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك