هل حدث أن وقف الأستاذ محمد عبدالقادر الجاسم يوما مع حرية التعبير؟ هل وقف ضد قانون المطبوعات والنشر يوم إقراره في البرلمان؟ تساءل يطرحه أحمد البغدادي

زاوية الكتاب

كتب 2806 مشاهدات 0


'كلاكيت' للمرة الألف
 
 
أحمد البغدادي

هل وقف الجاسم يوماً ضد قانون المطبوعات والنشر عندما أقره النواب في مجلس الأمة؟

'نصحتهم أمري بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا الرُّشد ألا ضُحى الغد'

كثيرا ما كنت أستشهد بهذا البيت من الشعر للدلالة على وضع الحريات الفكرية المزري في الكويت في ظل قانون المطبوعات والنشر الجديد, حيث تشهد حرية التعبير تضييقا غير مسبوق, تشهد عليه كثرة قضايا جنح الصحافة المحالة إلى النيابة العامة. ويوم ظهر هذا القانون السيئ كتبت عن تضييقه على الحريات, ولكن لم يستمع أحد لما كنت أقول. وكتب الأخ الفاضل الأستاذ عبد الكريم جاسم المحامي مذكرة قانونية عن عدم دستورية بعض نصوص القانون الجديد وتضييقها على حرية التعبير. ورفضت 'الطليعة' نشرها, ثم نشرتها صحيفة 'السياسة' مشكورة. كما عقدنا مناظرة حول هذا القانون المعيب في جمعية الخريجين لم يحضرها سوى القلة من المهتمين بالأمر. لم يتواجد في الندوة نواب الشعب الليبراليون, ولا أساتذة الجامعة إلا قلة منهم, كما غاب الكتاب والمثقفون عامة عنها رغم أهميتها. ووافق نواب الشعب على القانون خلال ساعة بالإجماع, وأشك أنهم قرأوا القانون أو تساءلوا عن مدى توافقه أو تناقضه مع الدستور. وما يهمهم وهم لا يمارسون حرية التعبير إلا هذرا في الديوانيات.
ولم ينتبه القوم للأحداث والأضرار التي يلحقها القانون الجديد بحرية التعبير إلا بعد أن تجاوزوا 'منعرج اللوى', وأصابتهم أسهم القانون الجديد في العظم, عندها بدأ الصراخ, ومع كثرة التعديات على الحريات, كنت أذكرهم ببيت الشعر في مستهل المقالة حتى وجدت أن القوم قد فقدوا الرشد, وجاء بعض النواب الذين وافقوا على القانون وبكل صفاقة, للوقوف مع الحريات, ولكنها كانت مجرد أقوال ذهبت أدراج الرياح من دون فعل, وبدأ الحديث يدور حول ضرورة إعادة النظر في بعض مواد هذا القانون الفاجر, وردت الحكومة عليهم بقانون المسموع والمرئي, وقانون جرائم 'الإنترنت' الذي سيظهر قريبا, إضافة إلى إغلاق المدونات الكويتية, وكأن الحكومة الكويتية تملك الفضاء!
وقتها لم يتحرك المحامون للوقوف بوجه مساوئ القانون الجديد, لا أذكر على كثرة القضايا الصحافية إن وجدت نصيرا حقيقيا لقضية الحرية سوى الأخ الفاضل المحامي الأستاذ عبد الكريم جاسم, ولم أجد سوى الأخوين العزيزين الدكتور غانم النجار والدكتور فلاح المديرس وبعض الأخوة المؤيدين لحرية التعبير في قاعات المحاكم. وكنا نتمنى لو أن بعض الأخوة المحامين  ساهموا بحضورهم جلسات المحاكمات, لكن للأسف لم يهتموا بالأمر.
اليوم وبعد تعرض الأستاذ محمد عبد القادر الجاسم, المحامي لقضايا عدة رفعها ضده سمو رئيس مجلس الوزراء تتمثل في تهمتي السب والقذف, ورفض السيد الجاسم دفع مبلغ الألف دينار لإيمانه بأن القضية تتعلق بحرية التعبير, مما ترتب عليه إيداعه السجن, أخذ بعض المحامين يطالبون بتغيير قانون الإجراءات! يا سبحان الله, أين كنتم يوم كان العشرات من الكتاب يتعرضون لذلك? أم لأن الأستاذ الجاسم رفيق مهنة وأنكم قد تتعرضون لذلك يوما ما? هل حدث أن وقف الأستاذ الجاسم يوما مع حرية التعبير? هل وقف ضد قانون المطبوعات والنشر يوم إقراره في البرلمان? طبعا لم يحدث ذلك, بل كانت علاقته بالحكومة جيدة وخصوصا يوم تسلم منحة سمو الأمير لترجمة أو دراسة القانون الفرنسي, يومها كتب مقالة' لا يحدث إلا في الكويت فقط '. يومها كتبت ردا على ذلك في مقالة تبين أن حرية التعبير في إسرائيل أفضل منها في الكويت.
القضايا بين الأستاذ الجاسم وسمو رئيس مجلس الوزراء ذات طابع شخصي لا يعلم سوى الله أسبابها, وليس لها علاقة بحرية التعبير. وليس هناك من داع للحديث غير ذي المعنى عن 'سجين الحرية ', فالتمييز في مثل هذه الأمور واجب عقلا, والشجاعة في إبداء الرأي يجب ألا تخرج عن دائرة الحق.
كاتب كويتي*

 

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك