واهم من يعتقد أننا سنصمت 'إذا طاح المشروع ببطنه'، زايد الزيد يكتب عن التفصيل والتضبيط لـ 140 مليون دينار لصفقة بناء مدرج بمطار الكويت.

زاوية الكتاب

كتب 2559 مشاهدات 0


غياب الضمائر الحية !
زايد الزيد
 
بلغني ، أن أصحاب الشركة المنافسة ، للشركة التي فصلّت عليها مناقصة بناء مدرج واحد في مطار الكويت الدولي ، والتي كانت موضوع مقالنا السابق ، وذكرنا فيه أن قيمة المشروع ستبلغ 140 مليون دينار ' فقط ' ، بلغنا أنهم فرحوا بما جاء بالمقال واحتفوا به ، لكون المقال يصب في نقد الموقف الحكومي المنحاز بشدة لمنافسهم الأكبر في المناقصة ، و أريد هنا أن أوضح أمرا في غاية الأهمية ، وهو أن اعتراضنا لاينصبّ فقط على مبدأ ' تفصيل ' الحكومة للمناقصة على الشركة ' المحظيّة ' ، ولا أيضا فقط على عملية ' تضبيط ' أصحاب تلك الشركة لمجموعة من النواب ، لدعم هذا المشروع المشبوه ، بل إن اعتراضنا يتعدى هذا وذاك ، أي يتعدى موضوعي ' التفصيل ، و ' التضبيط ' ، ليصل إلى القيمة المالية المبالغ بها في هذا المشروع المشبوه ، والدليل على ذلك أنني ختمت المقال بتشبيه هذا المشروع بمشروعي آخرين بلغ بهما الفحش من حيث قيمتهما المالية الخيالية أيما مبلغ ، وهما مشروع ' تصميم ' توسعة مطار الكويت الدولي ( 30 مليون دينار ) ، ومشروع طريق الجهراء ذي ال11 كيلومتر فقط ( 268 مليون دينار ) !!

فحسب المعلومات المتوافرة عن هذا المشروع الجديد ، فإن أقرب عرض منافس ، هو ذلك العرض الذي يعود لشركة يزيد عطائها عن عطاء الشركة ' المحظية ' بأكثر من 35 مليون دينار !

لذا ، فليعلم جيدا من يحاول أن يجيّر المقال السابق ، لخدمة عطاءات الشركات الأخرى المنافسة ، أنه واهم جدا إذا اعتقد أننا سنصمت ' إذا طاح المشروع ببطنه ' !!

وأنا حينما سقت في المقال السابق ، المشاريع الثلاثة ( طريق الجهراء وتصميم المطار ومدرج الطائرات ) ، المبالغ كثيرا في قيمتها ، وسجلت اعتراضا عليها ، كما اعترضت سابقا ، وللسبب ذاته ،  وفي أكثر من موقع ، على مشروع المصفاة الرابعة ، ومشروع الشراكة مع ' داو كيميكالز ' وعلى صفقة طائرات ' رافال ' الفرنسية ، وعلى مشروع محطة كهرباء الصبية التي وقّع عقدها في رمضان الماضي ، فإن الهدف من كل هذا ، هو تسليط الضوء على ظاهرة جديدة أضحت تستشري في البلد ، وهي المبالغة الكبيرة في قيمة تنفيذ تلك المشاريع ، خلافا لما هو عليه الوضع في الدول الصناعية المتقدمة ، وخلافا أيضا لدول منطقتنا البائسة ، وهي التي أصلا يكثر الفساد فيها ، بسبب غياب حتى الحد الأدنى من الرقابة المالية الشعبية !!

صحيح أن هناك اعتراضات أو مخالفات فنية سجلت على تلك المشاريع ، إلا أن القاسم المشترك فيها هو المبالغة في ' أقيامها ' المالية ، وإذا أردتم ألا نخرج عن هذا المشروع الجديد ، وهو مشروع إنشاء مدرج ' واحد ' جديد للطائرات ، فإن قيمة أقل العطاءات فيه ، بلغت مايقارب ال 140 مليون دينار ، أي مايعادل نصف مليار دولار ، فبالله عليكم لو كانت هذه الأسعار حقيقية وعالمية ، فبكم ستبني دول العالم ، الغني منه والفقير ، مطاراتها ؟ كم مليارا سيكلف بناء مطارات جديدة كاملة ، شاملة مدارج متعددة للطائرات ، ومباني ضخمة ، وأبراج مراقبة ، وغيرها و غيرها من مستلزمات المطارات واحتياجاتها ؟!

إن من المعلوم ، أن المؤسسات التي تتبعها تلك المشاريع ، من حقها أن تعترض على أي مشروع إن وجدت أن العطاء الأقل سعرا ذي قيمة عالية ، قياسا على الدراسات التي أعدتها تلك المؤسسات عن مشاريعها ، وهذا ما ' كان ' يحدث بالسابق ، فهناك مشاريع كثيرة ، رفضها مسؤولون ، ذو ذمة مالية نظيفة ، في مختلف الوزارات والمؤسسات ، من دون ضغط إعلامي أو سياسي ، ولكن ' كان ' بوازع ، من ضمائر حية ، وجيوب نظيفة ( مع الاعتذار للنائب مسلم البراك ضمير الأمة على الاقتباس والتصرف في مقولته الشهيرة ) ، ولو أردنا أن نحصي تلك المشاريع الملغاة  لضاق بنا المقام ، ولكن هذا ما ' كان ' يحدث في زمن سابق ، حتى كدنا – وياللأسف والحسرة – أن ننسى هذا المسلك النظيف ..!!

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك