كسبا للرأي العام في صفكم

زاوية الكتاب

الجاسم يخاطب شباب الكويت: ليكن الاجتماع غداً في ساحة الارادة

كتب 4270 مشاهدات 0

ساحة الإرادة (ارشيف)

إلى الشباب الكويتي الوطني الغيور على بلده.. إلى شباب الكويت الذين قرروا التضحية براحتهم وعزموا العقد على إصلاح بلادهم.. إلى شباب الكويت الذين لم ترهبهم تهديدات السلطة.. إلى شباب الكويت الأوفياء المخلصين الصادقين الذين ينوون التعبير عن غضبهم من فساد السلطة يوم الجمعة في 'ساحة الصفاة'.. إليكم أقول:
إن قرار اختيار مكان الاحتجاج هو قراركم وحدكم ولا يمليه عليكم أحد. لكن لي رأي أتمنى أخذه في الاعتبار إن رأيتم فيه ما يفيدكم. من الناحية السياسية، تعتبر 'ساحة الصفاة'، و'السوق الداخلي' أيضا، أفضل مكانين للتعبير عن غضبكم لأن لدى السلطة حساسية تاريخية نحو تلك الساحة وذاك السوق.. حساسية لم يتمكن البعض من تجاوزها على الرغم من مرور أكثر من سبعين عاما على الأحداث التاريخية التي شهدتها 'الساحة' و'السوق'.. حساسية استفزت السلطة فاستدرجتها، دون وعي منها، لكشف مقدار هلعها وخوفها من مضمون تاريخي. وفي ظني أن السلطة لن تجرؤ على الاعتداء عليكم لو أنكم اجتمعتم في 'ساحة الصفاة' لأن هذا الاعتداء هو انتحار سياسي وخطأ قاتل سوف يشعل فتيل غضب عارم لن تستوعبه احتجاجات أسبوعية. إن تهديدات السلطة واستعراض القوة الذي قامت به من خلال الإعلان عن تعيين 'قائد ميداني' وعن نوع القوات التي أنيط بها فض اجتماعكم ليست ذات قيمة عملية، وهي تأتي بالنسبة لي من قبيل الحرب النفسية التي يراد منها تخويف الشباب وتقليل عدد المشاركين من خلال الإيحاء بأن السلطة سوف تستخدم القوة. بل حتى تسريب معلومات تتصل بالجهة 'العليا' التي أصدرت الأمر السياسي بقمع المتظاهرين.. كل هذا لا يتعدى 'اللعبة النفسية' التي كشفت في الواقع حجم 'العقدة النفسية' التي تعاني منها السلطة. ولعل أبلغ دليل على تحكم تلك العقدة النفسية، أن وزارة الداخلية التي تدعي تمسكها بقانون ساقط من الناحية الدستورية، تذعن لرغبة الشباب وتمكنهم من الاجتماع بغير إذن مسبق في 'ساحة الإرادة'!

لقد تحدثت مع بعضكم وعرفت مقدار إصراركم على الاجتماع في 'ساحة الصفاة'.. لقد لمست بفخر تلك الروح الوطنية التي تتحلون بها. وبالطبع فأنا أعلم يقينا أن تهديدات السلطة لكم لم ترعبكم، بل زادتكم إصرارا فوق إصراركم. إن الطرف 'الخايف' هو السلطة لا أنتم. نعم هم 'خايفين' بصراحة ووضوح، لذلك أعلنوا الاستنفار الإعلامي والأمني، فكشفوا عن مقدار هشاشهتم. نعم إرادتكم تعلو إرادتهم.. نعم بإمكانكم تنفيذ ما اتفقتم عليه وتجاهل تهديد السلطة لكم، لكن بإمكانكم أيضا كسب الرأي العام في صفكم. يكفيكم فخرا أنكم كشفتم مقدار ضعفهم. ضعفهم الذي تجلى في عجزهم عن استيعاب غضبكم الناتج عن فشلهم في إدارة الدولة.. ضعفهم الذي تجلى في اضطرارهم التسليم بحقكم في التعبير عن رأيكم في الساحات العامة.. ضعفهم الذي تجلى في أن 'غاية مناهم' منعكم من الاجتماع في 'ساحة الصفاة' تحديدا.. ضعفهم الذي تجلى في تراجعهم عن منهج القمع والملاحقة الذي مارسوه قبل اندلاع الثورات العربية.

شباب الكويت.. لقد حققتم مكاسب عدة.. أتعبتم السلطة كثيرا حين اجتمعتم في 'ساحة الصفاة' مرتين في شهري ديسمبر ويناير الماضيين.. وعلى الرغم من المشاكل المتوقعة التي تنتاب بدايات العمل الشعبي العام، إلا أنكم انتزعتم من السلطة اعترافات رسمية متكررة بحقكم، الذي كانت تنكره عليكم، في الاحتجاج العام العلني.. أنتم في بداية الطريق، فمحاربة فساد الحكومة وفساد البرلمان وإعادة الاعتبار إلى الدستور يحتاج إلى عمل شعبي منظم ومتواصل، كما أن إسقاط رئيس مجلس الوزراء ومنهجه في إدارة الدولة يتطلب عمل دؤوب.. لقد جندت السلطة كل أدواتها لمحاربتكم.. وهذا يعني أنها باتت تحسب لكم ألف حساب. إن السلطة تدرك أنه إذا كان في مقدورها شراء بعض قرارات البرلمان، فإنه ليس في مقدورها شراء ضمائركم الحية، وهي تعي تماما أنه ليس في مقدورها ضربكم ولا حتى تخويفكم.. إن إرادتكم تعلو إرادتهم.

شباب الكويت.. لست قلقا عليكم، وأنا أعلم مدى استعدادكم للتضحية في سبيل كرامة بلدكم، لكنني أتمنى عليكم نقل اجتماعكم يوم الجمعة إلى 'ساحة الإرادة'.. ليس خوفا عليكم إطلاقا، فمثلي لا يخاف على من هو مثلكم، بل حرصا على تهيئة الفرصة لاستمرارية عملكم وانتظامه، وسعيا لكسب التأييد لمشروعكم.. إذهبوا إلى 'ساحة الإرادة' وارفعوا شعاراتكم واطلقوا هتافاتكم وعبروا عن رأيكم بكل حرية، فرسالتكم قد وصلت سلفا، ويكفيكم فخرا أن إصراركم أربكهم وكشف مقدار هلعهم.. إن اجتماعكم في 'ساحة الإرادة' ليس تنازلا منكم لصالح السلطة، بل هو خدمة لوطنكم نطلبها منكم اليوم لأننا ندعمكم ونريد استمراركم، فأنتم اليوم تأسسون محطة جديدة في تاريخ العمل السياسي الشعبي.
شباب الكويت.. القرار لكم وحدكم.. وإرادتكم تعلو إرادتهم.. والدرب طويل أمامكم.
وفقكم الله، .

موضوع مرتبط:

http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=74944&cid=30

ميزان مقال اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك