محمد عبدالقادر الجاسم: مزاج حكامنا يحكم قراراتنا

زاوية الكتاب

كتب 648 مشاهدات 0


مزاج الدولة! كتب محمد عبدالقادر الجاسم أذكر أن إحدى الجهات في دولة عربية نظمت ندوة مغلقة ضمت نحو 40 شخصية لمناقشة “السياسة الخارجية” لدولتهم. وقد كان أغلب الحضور من صنف “راق” من “الهتيفة” الذين يعتمد وجودهم في الواجهة على قربهم من وزير خارجيتهم. وبعد عرض أوراق المشاركين بدأ النقاش، فقال أول متحدث: “دعونا نتكلم بصراحة، هل نحن هنا لمناقشة مبادئ السياسة الخارجية لدولتنا أم لمناقشة شخصية وزير خارجيتنا؟” وأضاف “تعلمون يا سادة أن الذي يحدد علاقاتنا بالدول الأخرى هو مزاج وزير الخارجية، لذلك من الأجدى أن نناقش هذا المزاج إن كنا نرغب في مناقشة مفيدة”! وبالطبع تقرر فورا وقف أعمال الندوة ثم تقرر إلغاء جلساتها! على الرغم من وجود مؤسسات عامة في الدولة، إلا أن الطابع الشخصي في الإدارة العامة يظهر بوضوح شديد في السمات العامة للدولة. فشخصية الحاكم في المجتمعات الصغيرة لابد وأن تظهر جلية على القرارات بل وحتى على المزاج العام في الدوائر السياسية. وفي الكويت لنا تجارب جديرة بالاهتمام في شأن مدى تأثر الدولة بمزاج وصفات الحاكم أو القيادة عموما. فالشيخ عبدالله السالم رحمه الله كان يملك ثقافة وحكمة ويتذوق الشعر ويحب السفر ويبتعد عن مركزية القرار، وقد قام بدور “الشيخ المؤسس” وهو دور لا يمكن القيام به لو أن عبدالله السالم كان من النوع القلق المتوتر أو لو كان منغلقا أو محدود الثقافة. أما بالنسبة للشيخ جابر العلي رحمه الله فقد كان لطبيعته الشخصية اثر كبير جدا في نمو الحركة الفنية والأدبية بشكل عام في الكويت حين تولى وزارة الإعلام في مرحلة التأسيس أيضا. أما الشيخ جابر الأحمد رحمه الله فقد دفعت اهتماماته الشخصية بالموضوع الاقتصادي إلى تركيز الدولة في فترة مهمة من تاريخها على اقتصاد الدولة. ثم حين إنكفأ رحمه الله عن شؤون الحكم ، اكتست الدولة ثوب الجمود وأصيبت بمرض الشيخوخة المبكرة. ولست هنا بصدد الحكم على عهود الحكام السابقين أو ما فعله هذا الشيخ أو ذاك، لكنني أردت فقط تسليط الضوء على حقيقة مفادها أننا في الكويت نتأثر كثيرا بطبيعة حكامنا.. نتوتر من توترهم ونقلق من قلقهم ونفرح بابتساماتهم. وفي الغالب تتم صياغة السياسة العامة حسب مزاج وتوجهات حكامنا أو الشخصيات الرئيسية المتصدرة للمشهد السياسي لا حسب الخطط والبرامج. فإذا كانت تلك الشخصيات من النوع القلق المتوتر مثلا فإن قلقهم وتوترهم حتما يصيبان بقية دوائر القرار، وإذا كانت تلك الشخصيات من النوع المرح المتفائل المستقر، فإن تلك الصفات لابد وأن تنعكس على القرارات والاختيارات.
عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك