لماذا الهجوم على قانون مجلس الدولة !

زاوية الكتاب

الأسباب الحقيقية لهجوم 'ربع يعقوب ومشايخ القانون'- يكتب المحامي الحميدي السبيعي

كتب 4418 مشاهدات 0


خص المحامي الحميدي السبيعي بمقال قانوني أستعرض فيه من خلاله عن الحملة المفاجأة والشرسة المضادة  لمشروع قانون إنشاء مجلس الدولة وأسباب الهجوم عليه، وفي نص المقال والتعليق لكم:-

الأسباب الحقيقية للهجوم على 'قانون يعقوب '

تزامنا مع الحملة المفاجأة والشرسه المضادة  لمشروع قانون إنشاء مجلس الدولة ، وبعد قراءة نصوصه لابد لنا أن نبين للمهتمين مايحدث ومايجري وما هي أسباب ذلك الهجوم ومبرراته .
لاشك ان ظهور مشروع قانون مجلس الدولة جاء تفعيلا لمادة معطلة من مواد الدستور وهي المادة 171 ' يجوز بقانون إنشاء مجلس دولة يختص بوظائف القضاء الإداري والافتاء ،،، '  وهذا ماكنا نطالب فيه بقوه سابقاً  في كل محفل قانوني ، رغم تحفظنا على المادة 17 والمتعلقه بعدم إختصاص مجلس الدولة بالنظر بجميع مسائل الجنسية والتي نرى بعدم دستوريتها ، ومن وجهة نظرنا  فإن هذه المادة ليست مبررا لجعلنا نرفض مشروع القانون برمته ، فهذه المادة نستطيع الطعن عليها أمام المحكمة الدستورية أو تعديلها لاحقاً بوجود مجلس أمه  حقيقي يقوم بدوره التشريعي والرقابي بكل أمانة وصدق وبالتالي من الأفضل إقرار هذا المشروع حاليا وأجراء تعديلين أو ثلاثة عليه لاحقاً .

 وبالرجوع للهجوم على الوزير يعقوب الصانع من ' ربعه النواب ' يجب أن ننبه إلا أنهم لا يمكن أن يجتمعوا أو يصرحوا بهذا الشكل إلا بعد ترتيب مسبق فلا يجرفونكم  بشعاراتهم المتكررة والبعيدة كل البعد عن الواقع والمصلحة العامة وسيدخل بالخط  لاحقاً وعن قريب   ' مشايخ القانون '  والذين يقومون دوما بدور متناسق ومتماشي مع مايقوم به مشايخ السلطة ،  فهم لا يصرحون أو يفتون إلا لمثل هذه المواقف ، وكأنهم خلقوا لها، فالأرض أرضهم والزمان زمانهم ، بينما لاتجدهم عندما تنتهك الحريات ويلاحق الشرفاء وكأن الأمر لايعنيهم من بعيد أوقريب  .

المهم وبالرجوع لتصريحات هؤلاء النواب العنترية تكونت لدي قناعة  بأن سبب هجومهم  لاعلاقة له بإستقلال القضاء أو دعم الحريات أوحقوق المواطنين وغيرها من الشعارات التي دائما مايطلقونها ، وإنما هي لعدة أسباب أهمها من وجهة نظرنا إستمرار سيطرة القضاء العادي وإحكام رقابته على الدعاوي الادارية بجميع أشكالها كما هو حاصل الآن ، حتى لو أدى ذلك  لتعطيل نص دستوري ، هذا هو أحد أهم الأسباب  والدوافع الحقيقيه لذلك الهجوم المنسق والمبرمج ، وكما يقول المثل  ' خذ العلم من جهال القوم ' ، وبالرجوع والتدقيق بتصريحات بعض ' ربع يعقوب ' نجد الخبر عند أقلهم خبرة ،  من خلال  تبريره لرفض ذلك المشروع بحجة ' أن القضاء العادي يقوم بدوره كاملاً فيما يتعلق بموضوع الجناسي أو غيرها من القضايا الإدارية وبالتالي لاحاجة لإنشاء مجلس الدولة ' وهذا فعلاً هو السبب الحقيقي لذلك الرفض' لقانون يعقوب ' من
قبل ' ربع يعقوب '
 
والعجيب في الأمر أن النواب ' ربع يعقوب ' لم نجد أياً منهم  يعترض على الماده 17 من المشروع ويرددون الكلام نفسه وكأنهم يقرؤون من ورقة واحدة بما فيها الفواصل والنقط والأخطاء الطباعية !!!

ومن خلال قراءتنا لنصوص ذلك المشروع رصدنا عدة ملاحظات نوجزها بالآتي بغض النظر عن اتفاقنا او اختلافنا مع هذه النقاط  :

1-مشروع القانون موجود في أغلب الدول التي تعمل بثنائية القضاء ( وهذا مانص عليه الدستور في المادة 171) وآخر دولة طبقته المملكة العربية السعودية من خلال إنشاء مايسمى بديوان المظالم ونحن مازلنا متأخرين كالعادة عن الركب في كل المجالات ومنها بالطبع القانوني والقضائي .

 2- هو نسخة طبق الأصل من قانون إنشاء مجلس الدولة المصري مع بعض التعديلات مثل منع النظر بكافة مسائل الجنسية  والبدلات المقرره لأعضاء مجلس الدولة او من حيث عدم إنشاء هيئة مفوضي الدولة .

3-لا يوجد هناك فرق بين إختصاصات وزير العدل في قانون تنظيم مهنة القضاء وسلطته على القضاء العادي  أو من حيث مشروع قانون إنشاء مجلس الدولة وسلطته على قضاة مجلس الدولة فهي متماثلة تقريبا .

 4- النواب ' ربع يعقوب ' والذين يهاجمون هذا المشروع وأطلقوا عليه ' قانون يعقوب ' بحجة أنه سيجعل مجلس الدولة تحت وصاية وسلطة الحكومة مما سيفقده إستقلاله ، كان عليهم أولاً أن يقرنوا أقوالهم بأفعالهم  ويقروا قانون إستقلال القضاء العادي من باب أولى ، وهم بالتأكيد أعجز من ذلك بكثير ناهيك عن أنهم بشخوصهم تحت سلطة الحكومة أصلاً .

 5- نستغرب ممن يقول  بأن مشروع القانون قد رفضه أعضاء السلطة القضائية !! وهنا نتساءل بأي حق يؤخذ رأي السلطة القضائية بهذا المشروع وحاله حال أي مشروع قانون فلاتملك السلطة القضائية إبداء إحتجاجها أو إمتعاضها ، وإن حدث ذلك يعتبر تدخلاً محرماً حسب نص المادة 50 من الدستور ' الفصل بين السلطات ' بل ننصحها ( أي السلطة القضائية ) بإصدار بيان لإزالة ذلك اللبس من أي فعل نسب إليها ، والتأكيد على أن ذلك المشروع حق أصيل للسلطتين التشريعية والتنفيذية دون تدخل منها ، بل الثناء عليه لأنه طبق وشرع لظهور نص معطل منذ عشرات السنين بلا مبرر .

6- سيؤدي ذلك المشروع لسحب أهم قطاع من القضايا من سلطة وسيطرة القضاء العادي  وتحويلها لمجلس الدولة وهي تلك القضايا المتعلقة بشؤون الافراد ومصدر دخلهم ووظائفهم وحرياتهم وحقوقهم الشخصية وغيرها ، مما سيؤدي ذلك إلى إفراغ القضاء العادي من أهم سلطة لديه ولن يتبقى لديه سوى المحكمة الدستورية والتي سيعدل قانونها بالتأكيد لاحقاً بوجود مجلس أمة حقيقي وذلك من خلال فصله عن سلطة القضاء العادي أيضا وجعله مستقلاً ، مما سيفرغ القضاء العادي من أهم جناحيه .

 7- نرى عدم دستورية المادة 17 من مشروع القانون والتي تحظر النظر في ( الطلبات القرارات الصادرة في كافة مسائل الجنسية والاقامة وابعاد غير الكويتيين وانشاء دور العبادة ) لتعارضها مع الماده 27 من الدستور ' الجنسية الكويتية يحددها القانون ولا يجوز اسقاط الجنسية او سحبها الا في حدود القانون ' وتعارضها كذلك مع الماده 166 من الدستور والتي تنص على أن ' حق التقاضي مكفول للناس ويبين القانون الاجراءات والاوضاع اللازمة  لممارسة هذا الحق ' ، ونلاحظ ان قانون تنظيم القضاء لم يمنع النظر في بعض مسائل الجنسية ولكن هذا المشروع جاء ليحظر نظر كافة مسائل الجنسية ، وأعتقد أن هذه المادة من أسوأ المواد التي شرعت منذ أكثر من 50 سنة وهي نقطة سوداء في جبين السلطتين ، ولن يغفر لهم التاريخ ذلك ، فلم تراعي هذه المادة كم  الحريات التى تعيشها الشعوب حالياً وجاءت كمن يسبح ضد تيار الحريات الجارف في المنطقة والعالم  ، ولايدل ذلك على قصر نظر بقدر مايدل على سوء نية مصدرها والموافق عليها كذلك ، كما أنها تتعارض مع  تطور مفاهيم القضاء الاداري الحديثه .
 


 8- أتاح للمرأه تولي منصب قاضية بمجلس الدولة .

 9- منع الكويتيين غير مسلمين من تولي منصب القضاء بمجلس الدولة .

 10- منح القضاة مزايا مالية كبيرة ومنها توفير سكن او بدل سكن بغض النظر عما اذا كان يحوز ذلك القاضي سكنا مخصصا من الرعاية السكنية أم لا .

 11- جواز تولي محاميي الفتوى والتشريع منصب القضاء بشروط معينه وحرمان المحامي العادي ، رغم أن قانون إنشاء القضاء العادي لم يحرمه من ذلك .

هذه ملاحظاتنا ورؤيتنا حول نصوص مشروع قانون إنشاء مجلس الدوله ورصدنا كذلك للأسباب الحقيقية ، من وجهة نظرنا لتصريحات النواب  ' ربع يعقوب ' وفتاوي 'مشايخ القانون ' التي سنشهدها قريباً

المحامي الحميدي السبيعي

كتب: المحامي الحميدي السبيعي

تعليقات

اكتب تعليقك